قال : ( ولا يجوز كيلا ولا مجازفة بدراهم أو غير ذلك ) لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر ما يكون مستور العاقبة ولا يدرى أن ما في الضرع ريح أو دم أو لبن ولأن البيع يختص بعين مال متقوم بنفسه واللبن في الضرع بمنزلة الصفة في الحيوان ولا يكون مالا متقوما بنفسه قبل الحلب وأوصاف الحيوان لا تقبل البيع كاليد والرجل ولأن اللبن يزداد ساعة فساعة وتلك الزيادة لا يتناولها البيع واختلاط المبيع بما ليس بمبيع من ملك البائع على وجه يتعذر تمييزه مبطل للبيع ثم تتمكن المنازعة بينهما في التسليم [ ص: 195 ] لأن المشتري يستعصي في الحلب والبائع يطالبه بترك داعية اللبن وكذلك شراء اللبن في الضرع لا يجوز لمعنى الغرور وانعدام المالية والتقوم فيه مقصودا قبل الانفصال وعجز البائع عن تسليمه واستدل { بيع أولادها في بطونها } منهم من يروي بالكسر الحبلة فيتناول بيع الحمل ومنهم من يروي بالنصب الحبلة فيكون المراد بيع ما يحمل هذا الحمل بأن ولدت الناقة ثم حبلت ولدها فالمراد بيع حمل ولدها وقد كانوا في الجاهلية يعتادون ذلك فأبطل ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم { بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة } قيل المضامين ما تتضمنه الأصلاب والملاقيح ما تتضمنه الأرحام وقيل على عكس هذا المضامين ما تضمه الأرحام والملاقيح ما تضمه الأصلاب وكذلك بنهيه عن بيع المضامين والملاقيح وعن بيع حبل الحبلة لأن الصوف قبل الجزاز وصف للحيوان وليس بمال متقوم في نفسه ولأن المنازعة بينما يتمكن في التسليم فإن المشتري يستعصي في الجزاز والبائع يمنعه من ذلك وعن شراء أصوافها على ظهورها رحمه الله أنه جوز ذلك لأن الصوف عين مال ظاهر وقاسه ببيع قوائم الخلاف وذلك جائز والفرق بينهما على ظاهر الرواية أن النمو في أغصان الشجرة يكون من رأسها لا من أصلها فلا يختلط ملك البائع بملك المشتري أبي يوسف
وأما النمو في الصوف يكون من أصله وذلك يتبين فيما إذا حصب الصوف على ظهر الشاة ثم تركه حتى نما فالمحصوب يكون على رأسه لا في أصله فيختلط ملك البائع بملك المشتري مع أن ما يكون متصلا بحيوان فهو وصف محض بخلاف ما يكون متصلا بالشجرة فهو عين مال مقصود من وجه فيجوز بيعه لذلك