وإذا فالقول قوله مع يمينه ; لأنه أمين والقول قول الأمين مع اليمين ; لإنكاره السبب الموجب للضمان ، وإخباره بما هو مسلط عليه - وهو رد الوديعة على صاحبها - والمودع هو الذي سلطه على ذلك ، فيجعل قوله كقول المسلط إلا أنه يستحلف لنفي التهمة عنه ، وكذلك لو طلب المودع الوديعة فقال المستودع : قد رددتها عليك ; لأنه أمين أخبر بما هو محتمل ، ولأنه ينكر وجوب الضمان عليه ، والمالك يدعي عليه سبب الضمان - وهو المنع بعد الطلب - فلا يصدق إلا بحجة . سرقت أو ضاعت ، أو ذهبت وقال : لا أدري كيف ذهبت
( واختلف ) المتأخرون رحمهم الله فيما إذا ، فمنهم من يقول : هو ضامن لها ; لأنه جهلها بما قال ، والمودع بالتجهيل يصير ضامنا ، بخلاف ما إذا قال : ذهبت ولا أدري كيف ذهبت ; لأنه بقوله : ذهبت ، يخبر بهلاكها ، ويكفيه هذا المقدار ، فلا معتبر بعد ذلك بقوله : لا أدري كيف ذهبت . والأصح : أنه لا يصير ضامنا ; لأنه مخبر بهلاكها ، محترز عن الكذب والمجازفة في القول بقوله : لا أدري كيف ذهبت ; وهذا لأن أصل الذهاب معلوم من هذا اللفظ - لا محالة - وإنما التجهيل في كيفية الذهاب . والإخبار بأصل الذهاب يكفي في براءته عن الضمان . وإن قال : بعثت بها إليك مع رسولي ، وسمى بعض من في عياله : فهو كقوله : رددتها عليك ; لأن يد من في عياله لما جعل كيده في الحفظ ، فكذلك في الرد : يد من في عياله كيده ; فلا يصير بهذا مقرا بالسبب الموجب للضمان عليه . قال - ابتداء - : لا أدري كيف ذهبت