( وإذا ) بصفين أو بالجمل ثم اختصم ورثته في ماله اليوم ، فإن هذا قد مات ، ألا ترى أنه لم يبق أحد أدرك ذلك الزمان ، فإذا بلغ المفقود هذه المدة فهو ميت يقسم ماله بين ورثته . فقد الرجل
( والجمل ) حرب كان بين علي وعائشة وطلحة والزبير بالبصرة رضوان الله عليهم أجمعين . ( وصفين ) كان بين علي رضي الله عنهما وبين أهل ومعاوية الشام ، ومن ذلك الوقت إلى وقت تصنيف هذا الكتاب كان أكثر من مائة وعشرين سنة ، والرجل الذي فقد في ذلك الوقت كان ابن عشرين سنة أو أكثر ; لأنه خرج محاربا ، ولا شك أنه لا يبقى في مثل هذه المدة الطويلة ظاهرا . فإن خالد بن عبد الله وترك أخا لأمه وللمفقود عصبة ، فإني أنظر إلى سن المفقود يوم مات الابن ، فإن كان مثله يعيش إلى ذلك الوقت لم أورث الابن منه شيئا لبقائه حيا بطريق الظاهر واستصحاب الحال ، ولم أورثه من أبيه أيضا ; لأن بقاء الوارث بعد موت المورث شرط لوراثته عنه فإن الوراثة خلافة ، والحي يخلف الميت ، فأما الميت فلا يخلف الميت ، وما كان شرطا فما لم يثبت بدليل موجب له لا يثبت الحكم ، واستصحاب الحال دليل يبقى لا موجب ، فلهذا لا يرث المفقود من أبيه ثم يكون ميراث المفقود لعصبته الحي بعد ما يمضي من المدة ما لا يعيش مثله إليه ، وإن كان مثله لا يعيش إلى مثل تلك المدة حين مات ابنه جعلت الميراث لابنه ; لأن حياته بعد موت أبيه معلوم هنا بدليل شرعي ، فإذا صار مال المفقود ميراثا له كان ذلك موروثا عن ابنه بعد موته كسائر أمواله ، لأخيه لأمه منه السدس ، والباقي لعصبته ، وإن كان مات بعض من يرثه المفقود قبل هذا فنصيبه من الميراث يوقف إلى أن [ ص: 44 ] يتبين حاله ; لأنه غير محكوم بموته ، ولكنه يشتبه الحال بمنزلة الجنين في البطن فيوقف نصيبه ، فإن ظهر حيا كان ذلك مستحقا له ، وإن لم يظهر حاله فذلك مردود إلى ورثة صاحب المال على سهامهم بمنزلة الموقوف للجنين إذا انفصل الجنين ميتا ، وهذا لأنه لم يظهر شرط الاستحقاق له فيكون موروثا عن الميت كسائر ورثته يوم مات . كان له ابن مات زمان