كان ولاؤه لقبيلة مولاه الذي أعتقه إن كان من نصراني أعتق عبدا له مسلما بني تغلب ، فهو تغلبي منسوب إليهم يعقلون عنه ، ويرث المسلمون منهم أقربهم إلى مولاه عصبة ; لأن الولاء يثبت للمعتق وإن كان نصرانيا ، إلا أنه لا يرث لكونه مخالفا له في الدين ، فيقوم أقرب عصبته مقامه في استحقاق ميراثه ، وعقل جنايته على قبيلة مولاه كعقل جناية مولاه ; لأنه منسوب إليهم بالولاء انتقض به الولاء الأول ، وكان حكم الولاء للعتق الذي يحدث من بعد عندنا وعند وكل معتق جرى عليه الرق بعد العتق رضي الله عنه لا ينتقض الأول بالاسترقاق ، فربما يقول لا يسترق من عليه ولاء لمسلم ; لأن الولاء كالنسب ، لا يبطل النسب بالاسترقاق أو لمراعاة حق المسلم في الولاء لا يجوز استرقاقه كالحرية المتأكدة بالإسلام ، لا يجوز إبطالها بالرق . الشافعي
( ولكنا ) نقول : سبب الولاء الأول قد انعدم بالاسترقاق وهو العتق ، وقوة المالكية التي حدثت فيه ولا بقاء للحكم بعد بطلان السبب ، ولا يجوز أن يمتنع الاسترقاق ; لأن سببه قد تقرر فلا يمتنع إلا لمانع [ ص: 115 ] وهي العصمة ، ولا عصمة له باعتبار الولاء كما لا عصمة له باعتبار نسب المسلم حتى يجوز استرقاق الحربي وإن كان له والد مسلم ، وإذا صار رقيقا للثاني فأعتقه فقد اكتسب سبب الولاء عليه لنفسه ، فلهذا كان كان له أن يوالي من شاء ; لما بينا أن عتقه في دار الحرب باطل ; لأنه لم يخل سبيله ، فلا ولاية له عليه ، وإن خلى سبيله كان عتقه نافذا ، ولكن لا يثبت الولاء له ; لأن ذلك من حكم الإسلام فلا يجري على أهل الحرب ، ولئن ثبت الولاء فهو أثر من آثار الملك ، ولا حرمة لملكه ، فكذلك لا حرمة لأثر ملكه ، ولكن بإحراز العبد نفسه في دار الإسلام يبطل ذلك كله ، فله أن يوالي من شاء . مولى له حربي أعتق عبدا في دار الحرب ثم خرجا مسلمين
حربي دخل دارنا بأمان فاشترى عبدا فأعتقه ، أو فمعتقه مولاه لا يتحول عنه أبدا ; لأن سبب ثبوت الولاء له العتق وإحداث القوة في المملوك ، وذلك باق بعدما صار رقيقا وضعف حاله بسبب الرق ، لا يكون فوق ضعف حاله بالموت ، والولاء الثابت للمعتق لا يبطل بالموت فكذلك برقه . ( فإن قيل ) : الرق الذي حدث فيه ينافي ابتداء الولاء بالعتق ، وإن تقرر سببه منه كما بينا في المكاتب ، فكذلك ينافي بقاءه ( قلنا ) : لا كذلك ولكن الرق مناف حقيقة الملك ، وعليه يترتب العتق الذي يعقبه الولاء ، ولا حاجة إلى ذلك في إبقاء الولاء وهو نظير الموت في أنه ينافي الملك وابتداء الولاء للميت ، ولا ينافي بقاءه فإن مات معتقه كان ميراثه في بيت المال ; لأن مولاه رقيق لا يرثه وليس له عشيرة من المسلمين ، فيوضع ماله في بيت المال نصيب كل مال ضائع وعقل جنايته على نفسه ; لأنه منسوب بالولاء إلى إنسان فإن أعتق هذا الحربي صار مولى لمعتقه ، وكذلك معتقه يكون مولى له بواسطة أم ولد لحربي خرجت إلينا مسلمة ، فهي حرة توالي من شاءت لما بينا أنها أحرزت نفسها بدار الإسلام ، ولو كانت قنة فأحرزت نفسها بالدار كانت تعتق لملكها نفسها ، ولا ولاء عليها لأحد ، فكذلك إذا كانت أم ولد ، ولهذا كان لها أن توالي من شاءت ، والأصل فيه ما روي { أعتق عبدا جاء به من دار الحرب معه ، ثم رجع إلى دار الحرب فأسر وجرى عليه الرق الطائف خرجوا مسلمين حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محاصرا لهم ، ثم خرج مواليهم يطلبون ولاءهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أولئك عتقاء الله } . أن ستة من عبيد أهل