وكذلك يكتب ولي ولاؤك ، وولاء عتقك من بعدك ; لأن من الناس من يقول : لا يثبت الولاء إلا بالشرط فيذكره في الكتاب للتحرز عن هذا ، ثم نوعان : صريح وكناية فالصريح لفظ العتق ، والحرية ، والولاء ويستوي إن ذكر هذه الألفاظ بصيغة الخبر ، أو الوصف ، أو النداء ، إما بصيغة الخبر أن يقول قد أعتقتك أو حررتك ; لأن كلام العاقل محمول على الصحة ما أمكن ، ووجه الصحة هنا متعين ، وهو الإنشاء ، وصيغة الإخبار والإنشاء في العتق ، واحد وإما على سبيل الوصف أن يقول : أنت حر أنت عتيق ; لأنه لما وصفه بما يملك إيجابه فيه جعل ذلك بمنزلة الإيجاب منه لتحقيق وصفه فإن قال : أردت الكذب ، والخبر بالباطل دين فيما بينه وبين الله تعالى للاحتمال ، ولكنه لا يدين في القضاء ; لأن هذا اللفظ في الظاهر موضوع لإيجاب العتق والقاضي يتبع الظاهر ; لأن ما ، وراء ذلك غيب عنه ، وكذلك لو قال يا حر يا عتيق ; لأن النداء لاستحضار المنادى ، وذلك بذكر ، وصف له حتى يعلم أنه هو المقصود بالنداء فهذا ، ووصفه إياه بالعتق سواء ، وكذلك لو قال لعبده : هذا مولاي أو لأمته : هذه مولاتي ; لأن المولى يذكر بمعنى الناصر ، قال الله تعالى : { الألفاظ التي يحصل بها العتق ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ، وأن الكافرين لا مولى لهم } ، ولكن المالك لا يستنصر بمملوكه عادة ، ويذكر بمعنى ابن العم ، قال الله تعالى : { وإني خفت الموالي من ورائي } ولكن نسب العبد معروف فلا احتمال لهذا المعنى هنا ، ويذكر بمعنى الموالاة في الدين ، ولكنه نوع مجاز ، والمجاز لا يعارض الحقيقة ، ويذكر بمعنى المولى الأعلى وذلك غير محتمل عند الإضافة إلى العبد فيتعين المولى الأسفل ولا يتحقق ذلك إلا بعد العتق فلهذا عتق به في القضاء .
وإن قال : أردت به الولاية في الدين أو الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى للاحتمال ، ولم يدن في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر فإن قال يا مولاي ، فكذلك الجواب عندنا ، وقال رحمه الله تعالى لا يعتق بهذا اللفظ إلا بالنية ; لأن هذا اللفظ في موضع النداء يقصد به [ ص: 63 ] الإكرام دون التحقيق يقال : يا سيدي ، ويا مولاي ولو قال له : يا سيدي ، ويا مالكي لا يعتق به بدون النية فكذلك إذا قال يا مولاي ، ولكنا نقول : الكلام محمول على حقيقته ما أمكن ، وحقيقة قوله يا مولاي لا يكون إلا بولاء له عليه ، والعتق متعين لذلك فهذا ، وقوله يا حر يا عتيق سواء ، بخلاف قوله يا سيدي ، ويا مالكي ; لأنه ليس فيه ذكر ما يختص بإعتاقه إياه ، ومما يلحق بالصريح هنا قوله لمملوكه ، وهبت نفسك منك أو بعت نفسك منك فإنه يعتق به ، وإن لم ينو ; لأن موجب هذا اللفظ إزالة ملكه إلا أنه إذا أوجبه لإنسان آخر يكون مزيلا لملكه إليه فيتوقف على قبوله . زفر
وإذا أوجبه للعبد يكون مزيلا بطريق الإسقاط لا إليه فلا يحتاج إلى قبوله ، ولا يرتد برده
.