وذكر في الأصل عن الحسن رحمه الله { } ، وفيه دليل أنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد فساوم به ، ولم يشتره فجاء رجل فاشتراه فأعتقه ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : صلى الله عليه وسلم هو أخوك ، ومولاك فإن شكرك فهو خير له وشر لك ، وإن كفرك فهو شر له ، وخير لك ، وإن مات ، ولم يترك ، وارثا كنت أنت عصبته بخلاف ما يقوله بعض الناس : إن هذا اشتغال بما لا يفيد . فإن فيه فائدة ، وهو ترغيب الغير في شرائه ، والرجل تفرس فيه خيرا حين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساوم به فلهذا اشتراه ، وأعتقه ، وقوله صلى الله عليه وسلم هو أخوك أي في الدين قال الله تعالى : { لا بأس بالمساومة لمن لا يريد الشراء فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم } ، وفيه دليل على أن ، وإن لم يشترط المعتق بخلاف ما يقوله بعض الناس ، وقوله فإن شكرك أي بالمجازاة على ما صنعت إليه فهو خير له ; لأنه انتدب إلى ما ندب إليه في الشرع قال : صلى الله عليه وسلم من أزلت إليه نعمة فليشكرها ، وشر لك ; لأنه يصل إليك بعض الجزاء في الدنيا فينتقص بقدره من ثوابك في الآخرة ، وإن كفرك فهو خير لك ; لأنه يبقى ثواب العمل كله لك في الآخرة ، وشر له ; لأن كفران النعمة مذموم قال : صلى الله عليه وسلم { الولاء يثبت بالعتق } ، وفيه دليل على أن من لم يشكر الناس لم يشكر الله ; لأنه قال كنت أنت عصبته ، ويستدل بالظاهر من يؤخر مولى العتاقة عن ذوي الأرحام ; لأنه قال ، ولم يترك وارثا ، وذوو الأرحام من جملة الورثة ، ولكن عندنا مولى العتاقة آخر العصبات مقدم على ذوي الأرحام ومعنى [ ص: 62 ] الحديث لم يترك ، وارثا ، هو عصبة بدليل قوله كنت أنت عصبته ثم بين أن من أعتق عبدا ينبغي أن يكتب له بذلك كتابا ، والمقصود بالكتاب التوثيق فليكتب على أحوط الوجوه ، ويتحرز فيه عن طعن كل طاعن ، ولهذا ذكر فيه أني أعتقك لوجه الله فإن من الناس من يقول لا ينفذ العتق إذا لم يقصد المعتق وجه الله تعالى ، ونحن لا نقول بهذا حتى لو قال : أعتقك لوجه الله تعالى أو الشيطان نفذ العتق . المعتق يكون عصبة للمعتق
والحديث الذي بدأ به الكتاب يدل عليه ، ولكن يذكر هذا للتحرز عن جهل بعض القضاة
،