( قال ) : وإذا فهو مول كما في قوله أنا منك مظاهر ; لأنه أضاف لفظه إلى محله فإن الرجل يكون موليا من امرأته وإن قال عنيت الخبر بالكذب لم يدن في القضاء ; لأن ظاهر كلامه إيجاب وهو مدين فيما بينه وبين الله تعالى ; لأن صيغة الإيجاب والإخبار في الإيلاء واحد والمخبر عنه إذا كان كذبا فبالإخبار لا يصير صدقا . قال لامرأته أنا منك مول وعنى الإيجاب
( قال ) وإذا فهو مول منهن ، إن تركهن أربعة أشهر بن بالإيلاء عندنا . وقال حلف على أربع نسوة لا يقربهن رحمه الله تعالى : لا يكون موليا حتى يقرب ثلاثا منهن فحينئذ يكون موليا من الرابعة ; لأنه يملك قربان كل واحدة منهن من غير أن يلزمه شيء فلم يكن موليا حتى يقرب ثلاثا منهن فحينئذ لا يملك [ ص: 27 ] قربان الرابعة إلا بكفارة تلزمه ; لأنه يتم شرط الحنث بقربانها فيكون موليا منها ويكون معنى كلامه إن قربت ثلاثا منكن ، فوالله لا أقرب الرابعة . زفر
( وجه قولنا ) أنه مضار متعنت في حق كل واحد منهن بمنع حقها في الجماع فيكون موليا من كل واحدة منهن كما لو عقد يمينه على كل واحدة منهن على الانفراد إلا أنه لا يلزمه الكفارة بقربان بعضهن ; لأن الكفارة موجب الحنث فلا تجب ما لم يتم شرط الحنث ، ولكن عند تمام الشرط لا يكون وجوب الكفارة بقربان الآخرة فقط بل بقربانهن جميعا فأما وقوع الطلاق باعتبار البر ، وذلك يتحقق في كل واحدة منهن ، فهنا بن بمضي المدة بخلاف ما لو قال إن قربت ثلاثا منكن فوالله ، لا أقرب الرابعة ; لأن هناك ما عقد اليمين في الحال بل علقه بشرط فلا ينعقد يمينه قبل وجود الشرط ، فإن جامع بعضهن في الأربعة الأشهر سقط عمن جامع منهن ; لأنه قد فاء إليها في المدة ، ولا كفارة عليه لعدم تمام شرط الحنث فإذا تمت أربعة أشهر بانت التي لم يجامعها ; لأن الفيء في حقها لم يوجب فبقي حكم الإيلاء في حقها فتبين بمضي المدة ، ولو لم يجامع شيئا منهن ، ولكن طلق إحداهن ثلاثا كان موليا على حاله ; لأن شرط حنثه منتظر ، إن جامعهن حنث إذ ليس في يمينه تقييد الجماع بما قبل الطلاق ، وإن لم يطلق ولكن ماتت إحداهن بطل الإيلاء عنهن ; لأن شرط حنثه قد فات ; لأنه لا يحنث بجماع من بقي بعد هذا ولا بجماع الميتة ، واليمين لا يبقى بعد فوات شرط الحنث فلهذا لا يبطل الإيلاء عنهن .
( قال ) : وإن فهو مول منهن فإن مضت الأربعة الأشهر بن جميعا . وهذا قول حلف لا يقرب واحدة منهن أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - وعند وأبي يوسف رضي الله تعالى عنه : يكون موليا من واحدة منهن حتى إذا مضت المدة طلقت واحدة منهن بغير عينها ; لأنه منع نفسه عن قربان واحدة منهن ، ألا ترى أنه لو قرب واحدة منهن يلزمه الكفارة ، وحكم الطلاق ينبني على المنع من القربان فعند مضي المدة يقع الطلاق على إحداهن بغير عينها كما لو قال : والله لا أقرب إحداكن ، ووجه ظاهر الرواية أنه ذكر الواحدة منكرا في موضع النفي ; لأن القربان منفي ، والنكرة في موضع النفي تعم بخلاف النكرة في موضع الإثبات ، فإن الرجل إذا قال رأيت اليوم رجلا يقتضي رؤية رجل واحد ، ولو قال ما رأيت اليوم رجلا يقتضي نفي رؤية جميع الرجال ، وهذا لأن معنى التنكير في محل الفيء لا يتحقق إلا بالتعميم ففيما ينبني على نفي القربان وهو وقوع الطلاق عند مضي المدة يتناولهن كلامه جميعا وفيما ينبني على وجود القربان وهي الكفارة [ ص: 28 ] يتناول كلامه إحداهن فلهذا إذا قرب واحدة منهن لزمته الكفارة ، وسقط الإيلاء عنهن ; لأن اليمين لم يبق بعد تمام الشرط وهذا بخلاف قوله إحداكن فإن معنى التعميم هناك لا يتحقق ، ألا ترى أنه لو قرن بكلامه حرف كل بأن قال : كل إحداكن لا يتناولهن جميعا ، وهنا لو قرن بكلامه حرف كل فقال : كل واحدة منكن تناولهن جميعا فكذلك بسبب التنكير ، وإن كان نوى واحدة بعينها دون غيرها فهو مول منها خاصة فيما بينه وبين الله تعالى ; لأن ما نواه محتمل ، ألا ترى أنه لو طلق واحدة منهن ونوى واحدة بعينها صحت نيته فكذلك في الإيلاء ، ولكن لا يصدق في القضاء ; لأنه خلاف الظاهر . محمد