( قال ) ، لم تطلق عندنا ، وقال : رجل قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا إن دخلت الدار ثم طلقها ثلاثا ثم عادت إليه بعد زوج آخر فدخلت الدار رحمه الله تعالى : تطلق ثلاثا ; لأن التعليق في الملك قد صح ، والشرط وجد في الملك فينزل الجزاء كما لو قال لعبده : إن دخلت الدار ، فأنت حر ثم باعه ثم اشتراه ثم دخل الدار ، وهذا ; لأن المعلق بالشرط ليس بطلاق على ما نبينه إن شاء الله تعالى زفر
والذي أوقعه طلاق فكان غير المعلق بالشرط ، والمعلق بالشرط غير واصل إلى المحل ، فلا يعتبر ; لبقائه متعلقا قيام المحل .
وإنما يشترط كون المحل محلا عند وجود الشرط ; لأنه عند ذلك يصل إليه ، وهو موجود ، والدليل عليه أنه لو قال لها : إن دخلت الدار ، فأنت علي كظهر أمي ثم طلقها ثلاثا ثم عادت إليه بعد زوج آخر ، يكون مظاهرا منها ، إذا دخلت الدار ، ولو طلقها اثنتين في مسألة اليمين بالطلاق ثم عادت إليه بعد إصابة زوج آخر فدخلت الدار ، تطلق ثلاثا ، فإذا كان وقوع بعض الطلقات لا يمنع بقاء التعليق في الثلاث ، فكذلك في وقوع الكل ، وحجتنا ما علل به في الكتاب فقال : من قبل أنه لما طلقها ثلاثا ، فقد ذهب تطليقات ذلك الملك كله ، ومعنى هذا أن انعقاد هذه اليمين باعتبار التطليقات المملوكة فإن اليمين بالطلاق لا ينعقد إلا في الملك ، أو مضافا إلى الملك ولم توجد الإضافة هنا ، فكان انعقادها باعتبار التطليقات المملوكة ، وهي محصورة بالثلاث ، وقد أوقع ذلك كله ; والكل من كل شيء لا يتصور تعدده ، فعرفنا أنه لم يبق شيء من الجزاء المعلق [ ص: 94 ] بالشرط طلاقا كان ، أو غيره .
وكما لا ينعقد اليمين بدون الجزاء ، لا يبقى بدون الجزاء ألا ترى أنه لو قال لها : أنت طالق كل يوم ثلاثا فوقع عليها ثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج آخر ، لم يقع شيء وكذلك لو قال لها : أنت طالق تسعا كل سنة ثلاثا ، ثم تزوجها بعد زوج ، لم يقع في السنة الثانية شيء .
ولكن رحمه الله تعالى يخالف في جميع هذا ويقول : ما يملك على امرأته من التطليقات غير محصور بعدد ، وإنما لا يقع إلا الثلاث ; لأن المحل لا يسع إلا ذلك حتى أن باعتبار تجدد العقد ، يقع عليها أكثر من ثلاث ، ولو زفر ، يقع عليها ثلاث ، ولو كان المملوك هو الثلاث ، لم يقع شيء عند قال لها : أنت طالق ألفا رحمه الله تعالى كما لو أبي حنيفة ، لم يقع شيء . قال لها : طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثا
والمعتمد أن نقول بوقوع الثلاث عليها خرجت من أن تكون محلا للطلاق ; لأن الطلاق مشروع ; لرفع الحل ، وقد ارتفع الحل بالتطليقات الثلاث ، وفوت محل الجزاء يبطل اليمين كفوت محل الشرط بأن قال : إن دخلت هذه الدار ثم جعل الدار حماما ، أو بستانا لا يبقى اليمين فلهذا مثله بخلاف ما بعد بيع العبد ; لأنه بصفة الرق كان محلا للعتق .
وبالبيع لم تفت تلك الصفة حتى لو فات العتق ، لم يبق اليمين وبخلاف ما لو طلقها اثنتين ; لأن المحل باق بعد اثنتين فإن المحلية باعتبار صفة الحل وهي قائمة بعد الثنتين ، فيبقى اليمين .
ثم قد استفاد من جنس ما كان انعقدت عليه اليمين فيسري إليه حكم اليمين كما لو هلك مال المضاربة إلا درهما منه ، يبقى عقد المضاربة على الكل حتى لو تصرف وربح يحصل جميع رأس المال بخلاف ما لو هلك الكل .
وهذا بخلاف اليمين في الظهار فإن المحلية هناك لا تنعدم بالتطليقات الثلاث ; لأن الحرمة بالظهار غير الحرمة بالطلاق فإن تلك حرمة إلى وجود التكفير ، وهذه حرمة إلى وجود ما يرفعها ، وهو الزوج إلا أنها لو دخلت الدار بعد الطلقات الثلاث إنما لا يصير مظاهرا ; لأنه لا حل بينهما في الحال ، والظهار تشبيه المحللة بالمحرمة ، وذلك لا يوجد إلا إذا دخلت الدار بعد التزوج بها .
وما قال أن المحل لا يعتبر في المعلق بالشرط ضعيف ; لأنه إيجاب ، وإن لم يكن واصلا إلى المحل .
ولا يكون كلامه إيجابا إلا باعتبار المحل ، فلا بد لبقائه معلقا بالشرط من بقاء المحل ، ولم يبق بعد التطليقات الثلاث ، وعلى هذا لو ، لم يقع عليها ، إن حاضت شيء إلا على قول قال : أنت طالق كلما حضت فبانت بثلاث ثم عادت إليه بعد زوج آخر رحمه الله تعالى . زفر
وكذلك إن آلى منها فبانت بالإيلاء ثم تزوجها فبانت أيضا حتى بانت بثلاث ثم تزوجها بعد زوج ، لم يقع عليها بهذا الإيلاء طلاق [ ص: 95 ] إلا على قول رحمه الله تعالى . زفر
ولكن إن قربها ، كفر عن يمينه ; لأن اليمين باقية فإن انعقادها وبقاءها لا يختص بمحل الحل ، فإذا قربها ، تحقق حنثه في اليمين ، فتلزمه الكفارة .