باب نكاح الأكفاء
( قال ) رضي الله عنه : قد قدمنا بيان ما هو مقصود هذا الباب وهو اعتبار الكفاءة في النكاح ، وصحة عقد النكاح من كفء بمهر مثلها بمباشرتها أو بمباشرة غيرها برضاها بغير ولي ، واستدل على ذلك بآثار رويت فمنه حديث جعفر رضي الله عنه { بنت أم حبيبة وكان الذي ولي عقد النكاح أبي سفيان ومهرها عنه أربعمائة دينار النجاشي } ومنه حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر من رضي الله عنه المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب فقال : أمثلي يفتات عليه في بناته ، فقالت رضي الله عنها أوترغب عن عائشة : المنذر لتملكن أمرها عبد الرحمن فملكها فقال : ما بي رغبة عنه ، ومنه حديث عبد الرحمن بن مروان رضي الله عنه قال : زوجت امرأة معنا في الدار ابنتيها فجاء أولياؤها فخاصموها إلى رضي الله عنه فأجاز النكاح ، ومنه حديث علي بحرية بنت هانئ قالت : زوجت نفسي من القعقاع بن شور فخاصم أبي إلى رضي الله عنه فأجاز النكاح ، ولكن الحجة بهذه الآثار على علي رضي الله عنه حيث يقول : لا ينعقد الشافعي ، فأما على قول النكاح بعبارة النساء رحمه الله تعالى لا تقوى الحجة ببعض هذه الآثار ، فإنه يقول في حديث محمد إنه كان هو الولي لأنها كانت مسلمة في ولايته ، فإن النجاشي : رضي الله تعالى عنها [ ص: 108 ] من جملة من هاجر إلى أم حبيبة الحبشة ، ولأن عقد عائشة رضي الله تعالى عنها كان موقوفا على إجازة عبد الرحمن ، وكذلك ما أجازه رضي الله تعالى عنه إنما أجازه بولاية السلطنة ، ثم استكثر من الشواهد في جواز تزويج المرأة نفسها من كفء ، فمن ذلك أن الولي لو عضلها فخاصمته إلى السلطان ، فإنه يحق على السلطان أن يأمر الولي بذلك ، وإن أبى أن يزوجها ; السلطان ، فإذا صنعت هي بنفسها كيف تحكم ببطلان ما صنعت ، وكذلك لو أن علي ، أما كان يجوز هذا النكاح باعتبار أن الولي هذا الولد ، أرأيت لو أن رجلا أعتق أم ولده ولها ولد ثم تزوجها من غير أن يعلم ولدها منه أما كان يجوز هذا ، فإذا كانت تملك أن تزوج أباها فكيف لا تملك أن تزوج نفسها ، واستكثر من هذا الجنس من الشواهد ، وقد ذكر في اختلاف امرأة أعتقت أباها وهو معتوه فزوجته أبي حنيفة أن وابن أبي ليلى قال : لا يجوز ذلك وأن ابن أبي ليلى أبا يوسف رحمهما الله تعالى قالا لا يجوز ذلك حتى يجيزه القاضي أو الولي ، وقد تقدم بيان ما فيه من اختلاف الروايات عنهما ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب ومحمدا