( قال ) : وإذا قسم الثلث بينهم بالحصص يضرب للحج فيه بأدنى ما يكون من نفقة الحج ; لأن الوصية بالحج وجب تنفيذها له بنفقة الموصي ووجب تنفيذ سائر الوصايا حقا للموصى لهم فعند اختلاف الحقوق تجري المزاحمة بينهم في الثلث لمراعاة حق كل مستحق بخلاف ما ذكرنا من الحج والعتق ; لأن تنفيذ الوصيتين هناك لحق الموصي فلهذا كانت البداية بما بدأ به الميت ، ثم ما خص الحج من الثلث هنا يحج به من حيث يبلغ ; لأنه هو الممكن من تحصيل مقصود الموصي بمنزلة ما لو لم يكن ثلث ماله [ ص: 163 ] إلا هذا وأوصى بأن يحج عنه فإنه يحج من حيث يبلغ فإن أحجوا به من موضع فرجع الحاج بفضل نفقة وكسوة فقد تبين أنهم أخطئوا فكان الوصي ضامنا لما أنفقه فيضم ذلك إلى ما بقي ويحج به عن الميت من حيث يبلغ إلا إذا كان الفاضل شيئا يسيرا فحينئذ هذا والأول سواء في القياس ، ولكن في الاستحسان تجزي الحجة عن الميت ولا يكون الوصي ضامنا ; لأن اليسير من التفاوت لا يمكن الاحتراز عنه فلا بد من أن يبقى بعد رجوعه كسرة أو جراب خلق أو ثوب خلق فلهذا جعل هذا القدر عفوا ، ولكن يرد على الورثة أو على الموصى له إن كان هناك موصى له بالثلث أوصى أن يحج عنه رجل بعينه أو بغير عينه وأوصى بوصايا لأناس بأكثر من الثلث