وإذا فلا أجر له أما إذا ذهب فجاء بالمتاع فله أجر مثله لا يجاوز به المسمى عندنا وعلى قول قال الرجل : من جاءني بمتاعي من مكان كذا فله درهم فذهب رجل فلم يجد المتاع ثم جاء له المسمى لقوله تعالى { الشافعي ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } وما أخبر الله - تعالى - من الأمم السالفة فهو ثابت في حقنا حتى يقوم دليل النسخ ولكنا نقول : هذا استئجار المجهول ، واستئجار المجهول باطل إلا أنه إذا حمله إنسان بعد ما سمع كلامه ، فإنما جاء به على جهة تلك الإجارة ، وقد رضي القائل بذلك فيستوجب أجر المثل باعتبار أن جهة الشيء بمنزلة حقيقته فأما إذا ذهب فلم يجد المتاع فرجع لم يكن له الأجر بخلاف ما إذا خاطب به إنسانا بعينه فهناك يستحق أجر الذهاب ; لأن العقد انعقد بينهما حين خاطبه بعينه فكان هو في الذهاب عاملا للمستأجر ساعيا في تحصيل مقصوده فيستحق أجر الذهاب ، وهنا العقد ما انعقد بين المستأجر وبين الذاهب ; لأنه لم يخاطبه بعينه ، وإنما يكون انعقاد العقد باعتبار مجيئه بالمتاع ، وإذا لم يجئ بالمتاع لم يكن عاملا له في الذهاب والمجيء بحكم العقد فلهذا لا يستوجب شيئا من الأجر .