687 - مسألة : فلو مات الذي وجبت عليه الزكاة سنة أو سنتين فإنها من رأس ماله ، أقر بها أو قامت عليه بينة ، ورثه ولده أو كلالة ، لا حق للغرماء ولا للوصية ولا للورثة حتى تستوفي كلها ; سواء في ذلك العين والماشية والزرع . وهو قول ، الشافعي ، وأصحابهما . وأبي سليمان
وقال : من أبو حنيفة فإنها تسقط بموته ، لا تؤخذ أصلا ، سواء مات إثر الحول بيسير أو كثير ، أو كانت كذلك لسنين . وأما زكاة الماشية فإنه روى عنه مات بعد وجوب الزكاة في ذهبه وفضته : أنه يأخذها المصدق منها ، وإن وجدها بأيدي ورثته . [ ص: 202 ] وروى عنه ابن المبارك : أنها تسقط بموته واختلف قوله في زكاة الثمار والزرع : فروى عنه أبو يوسف أنها تسقط بموته ، وروى عنه عبد الله بن المبارك محمد بن الحسن عن عن أبي يوسف : أنها تؤخذ بعد موته ، ويرى أن قوله المذكور في الماشية ، والزرع إنما هو في زكاة تلك السنة فقط ; فأما زكاة فرط فيها حتى مات فإنه يقول : بأنها تسقط عنه . أبي حنيفة
وقال فيمن مالك حاشا المواشي - : فإنها تؤخذ من رأس ماله ، فإن كان فرط فيها أكثر من عام فلا تخرج عنه إلا أن يوصي بها ، فتكون من ثلثه مبداة على سائر وصاياه كلها ، حاشا التدبير في الصحة ، وهي مبداة على التدبير في المرض قال : وأما المواشي فإنه إن حال الحول عليها ثم مات قبل مجيء الساعي ثم جاء الساعي فلا سبيل للساعي عليها ، وقد بطلت ، إلا أن يوصي بها ، فتكون في الثلث غير مبداة على سائر الوصايا . واختلف قول مات بعد حلول الزكاة في ماله أي مال كان الأوزاعي في ذلك : فمرة رآها من الثلث ، ومرة رآها من رأس المال قال : أما قول أبو محمد ، أبي حنيفة ; ففي غاية الخطأ ; لأنهما أسقطا بموت المرء دينا لله تعالى وجب عليه في حياته ، بلا برهان أكثر من أن قالوا : لو كان ذلك لما شاء إنسان أن لا يورث ورثته شيئا إلا أمكنه فقلنا : فما تقولون في إنسان أكثر من إتلاف أموال الناس ليكون ذلك دينا عليه ولا يرث ورثته شيئا ، ولو أنها ديون يهودي ، أو نصراني لا في خمور أهرقها لهم . ومالك
فمن قولهم : إنها كلها من رأس ماله ، سواء ورث ورثته أو لم يرثوا ، فنقضوا علتهم بأوحش نقض وأسقطوا حق الله تعالى - الذي جعله للفقراء والمساكين من المسلمين ، والغارمين منهم ، وفي الرقاب منهم ، وفي سبيله تعالى ، وابن السبيل فريضة من الله تعالى - : وأوجبوا ديون الآدميين وأطعموا الورثة الحرام . والعجب أنه من إيجابهم الصلاة بعد خروج وقتها على العامد لتركها ، وإسقاطهم [ ص: 203 ] الزكاة ووقتها قائم عن المتعمد لتركها . ثم تقسيم بين المواشي وغير المواشي ، وبين زكاة عامه ذلك وسائر الأعوام ، فرأى زكاة عامه من رأس المال ، وإن لم يبق للورثة شيء يعيشون منه ، ولم ير زكاة سائر الأعوام إلا ساقطة . ثم تفريقه بين زكاة الناض يوصي بها فتكون في الثلث وتبدى على الوصايا إلا على التدبير في الصحة وتبدى على التدبير في المرض - : وبين زكاة الماشية يوصي بها فتكون في الثلث ولا تبدى الوصايا ، وهذه أشياء غلط فيها من غلط وقصد الخير ، وإنما العجب ممن انشرح صدره لتقليد قائلها . ثم استعمل نفسه في إبطال السنن الثابتة نصرا لها . قال مالك : وبين صحة قولنا وبطلان قول المخالفين قول الله عز وجل ( في المواريث ) { أبو محمد من بعد وصية يوصي بها أو دين } فعم - عز وجل - الديون كلها ، والزكاة دين قائم لله تعالى وللمساكين ، والفقراء والغارمين وسائر من فرضها تعالى لهم في نص القرآن - : حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج أحمد بن عمر الوكيعي . وأبو سعيد الأشج
قال الوكيعي : ثنا حسين بن علي عن ; وقال زائدة ثنا أبو سعيد ثم اتفق أبو خالد الأحمر ، زائدة كلاهما عن وأبو خالد الأحمر عن الأعمش مسلم البطين والحكم بن عتيبة ، ، قال وسلمة بن كهيل مسلم البطين : عن وقال سعيد بن جبير الحكم ، وسلمة : سمعنا ثم اتفق مجاهدا ، سعيد بن جبير عن ومجاهد قال { ابن عباس } . جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها ؟ فقال : لو كان على أمك دين أكنت قاضيه عنها ؟ قال : نعم ، قال : فدين الله [ ص: 204 ] أحق أن يقضى
قال أبو خالد : في روايته عن عن الأعمش مسلم البطين ، والحكم بن عتيبة ، عن وسلمة بن كهيل سعيد بن جبير ومجاهد عن وعطاء ، وذكر ابن عباس في حديثه أن زائدة سمعه من الأعمش الحكم ، وسلمة ومسلم
ورويناه أيضا من طريق عن محمد بن جعفر عن شعبة أبي بشر جعفر بن أبي وحشية قال : سمعت عن سعيد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال { ابن عباس } : فاقضوا الله فهو أحق بالوفاء
فهؤلاء : ، عطاء ، وسعيد بن جبير يروونه عن ومجاهد ، فقال : هؤلاء بآرائهم ، بل دين الله تعالى ساقط ودين الناس أحق أن يقضى والناس أحق بالوفاء قال ابن عباس : ويسألون عن الزكاة أفي الذمة هي أم في عين المال . ؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث . فإن قالوا : في عين المال ، فقد صح أن أهل الصدقات شركاء في ذلك المال ، فمن أين وجب أن يبطل حقهم وتبقى دين أبو محمد اليهود والنصارى ؟ وإن قالوا : في الذمة فمن أين أسقطوها بموته ؟ ولا يختلفون أن إقرار الصحيح لازم في رأس المال فمن أين وقع لهم إبطال إقرار المريض ؟ فإن قالوا : لأنه وصية ، كذبوا وتناقضوا لأن الإقرار إن كان وصية فهو من الصحيح أيضا في الثلث ، وإلا فهاتوا فرقا بين المريض ، والصحيح . وإن قالوا : لأننا نتهمه . قلنا : فهلا اتهمتم الصحيح فهو أحق بالتهمة ؟ لا سيما المالكيين الذين يصدقون قول المريض في دعواه : إن فلانا قتله ، ويبطلون إقراره في ماله ، وهذه أمور كما ترى ونسأل الله العافية .
[ ص: 205 ] روينا من طريق عن ابن وهب عن يونس بن يزيد الزهري في الرجل يموت ولم يؤد زكاة ماله : أنها تؤخذ من ماله إذا علم بذلك . وقال : لا تؤخذ وعليه ما تحمل - : ومن طريق ربيعة : ثنا ابن أبي شيبة جرير عن سليمان التيمي عن الحسن ، : أنهما قالا في حجة الإسلام ، والزكاة : هما بمنزلة الدين قال وطاوس : علي قول آخر : إن كل ذلك يتحاص مع ديون الناس . قال وللشافعي : وهذا خطأ ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { علي } قال دين الله أحق أن يقضى . : هذا مما خالفوا فيه القرآن والسنن الثابتة - التي لا معارض لها - والقياس ، ولم يتعلقوا بقول صاحب نعلمه . علي