أحكام قسم الزوجات 1896 - مسألة : وإذا فعليه أن يخص البكر بمبيت سبع ليال عندها ، ثم يقسم فيعود ولا يحاسبها بتلك السبع ، ولا بشيء منها تزوج الرجل بكرا حرة أو أمة مسلمة أو كتابية ، وله زوجة أخرى حرة أو أمة
فإن - فله [ ص: 212 ] أن يخصها بمبيت ثلاث ليال ، ثم يقسم ويعدل ، ولا يحاسبها بتلك الثلاث ، فإن زاد على الثلاث أقام عند غيرها كما أقام عندها سواء سواء ، ويسقط حكمها في التفضيل تزوج ثيبا حرة أو أمة وعنده زوجة أخرى حرة أو أمة - مسلمة أو كتابية
ولا يحل له في كل ما ذكرنا - كانت عنده زوجة غيرها أو لم يكن - أن يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد ، ولا عن صلاة الجمعة ، فإن فعل فهي معصية وجرحة فيه ، كسائر الناس ولا فرق
ولا يجوز له أن يخص امرأة من نسائه بأن تسافر معه إلا بقرعة
برهان ذلك - : ما رويناه من طريق نا البزار محمد بن معمر نا نا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن أيوب السختياني عن أبي قلابة { أنس بن مالك } أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للبكر سبعا وللثيب ثلاثا
ونا أحمد بن قاسم قال : أخبرني قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي نا قاسم بن أصبغ - نا أبو قلابة - هو عبد الملك بن يزيد الرقاشي - نا أبو عاصم - هو الضحاك بن مخلد عن سفيان الثوري ، أيوب السختياني وخالد الحذاء كلاهما عن - عن أبي قلابة - هو عبد الله بن زيد الجرمي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أنس بن مالك } إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا ، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا
وقد رويناه بأن قال : هي السنة - وكل ذلك حق ، والذي ذكرنا بيان واضح في إسناده أنسا
ومن طريق نا مسلم عبد الله بن مسلمة - هو القعنبي - نا - عن سليمان - يعني ابن بلال عن عبد الرحمن بن حميد عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام { حين تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها فأراد أن يخرج أخذت بثوبه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث أم سلمة } أن
ومن طريق عن مالك عن [ ص: 213 ] عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه { وأصبحت عنده قال لها : ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبعت عندك ، وإن شئت ثلثت ثم درت ؟ قالت : ثلث أم سلمة } أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج
وروينا هذا الخبر بين الإسناد من طريق أحمد بن شعيب نا ، يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن بشار ، قالا جميعا : نا - عن يحيى - هو ابن سعيد القطان حدثني سفيان الثوري أحمد بن أبي بكر - هو ابن محمد بن عمرو بن حزم - عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثا ، وقال : ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبعت لك ، وإن سبعت لك سبعت لنسائي أم سلمة أم المؤمنين } عن
وبه يقول أنس بن مالك ، وإبراهيم النخعي والشعبي ، ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وجميع أصحابهم وأبو سليمان
وذهبت طائفة إلى غير ذلك - : وهو أن للبكر ثلاث ليال ، وللثيب ليلتان - : روينا ذلك عن عن عبد الرزاق أنه سأل ابن جريج عن ذلك فقال عطاء : يؤثرون عن عطاء أنه قال : للبكر ثلاث ، وللثيب ليلتان أنس بن مالك
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد الحسن قال : للبكر ثلاث ، وللثيب ليلتان
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : يمكث عند البكر ثلاثا ثم يقسم ، وعند الثيب يومين ثم يقسم سعيد بن المسيب
وهو قول ، خلاس بن عمرو ، وسفيان الثوري والأوزاعي .
وقالت طائفة : لا يقيم عند ثيب ولا بكر إلا ما يقيم عند غيرهما ممن عنده - وهو قول الحكم بن عتيبة ، ، وحماد بن أبي سليمان ، وأصحابه [ ص: 214 ] واحتج من ذهب إلى قول وأبي حنيفة الحسن ، بخبر رويناه من طريق وابن المسيب عن عبد الرزاق عن ابن جريج ، عمرو بن شعيب قالا جميعا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ومحمد بن إسحاق } ؟ قال للبكر ثلاث : هذا مرسل ولا حجة فيه - فسقط هذا القول أبو محمد
ووجدنا من ذهب إلى قول يحتجون بما يجب من أبي حنيفة العدل بين النساء
وبالخبر الثابت الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { } من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل
قال : الذي قال هذا القول هو الذي حكم للبكر بسبع زائدة ، وللثيب بثلاث زائدة ، ولا يحل لأحد أن يترك قولا له عليه الصلاة والسلام لقول له آخر ما دام يمكن استعمالها جميعا ، بأن يضم بعضها إلى بعض ، أو بأن يستثني بعضها من بعض ، ومن تعدى هذا فهو عاص لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم أبو محمد
ومن عجائب الدنيا أن الحنفيين المخالفين بأهوائهم الفاسدة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا يوجبون في القسمة للزوجة الحرة ليلتين
وللزوجة الأمة ليلة ، وهذا هو الميل حقا ، والجور صراحا ، لا سيما مع قولهم : إن للحرة اليهودية والنصرانية ليلتين ، وللأمة المسلمة ليلة ، ولا يستحيون من هذا التفضيل بالباطل
وقال بعضهم : قد جاء في ذلك أثر عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يعرف - ثم لو صح لكان لا يجوز الأخذ به ، لأنه مرسل
وعجب آخر - وهو أنهم يجيزون لمن له زوجة حرة مسلمة ، وأمة نصرانية ، أن يقسم للحرة ليلة ، وللمملوكة اليهودية ثلاث ليال ، فاعجبوا لهذه الفضائح .
ولهم ههنا اعتراضات تشهد بقلة حياء المعترض بها ، ورقة دينه كتعلقهم بقوله عليه الصلاة والسلام : { } إن سبعت لك سبعت لنسائي
[ ص: 215 ] فقالوا : هذا حديث يوجب التسوية ، ونسوا أنفسهم في قوله عليه الصلاة والسلام في هذا الخبر نفسه : { } وإن شئت ثلثت ودرت
فاعترضوا بعقولهم الركيكة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلموه العدل والحساب
وقالوا : إنما كان ينبغي لو سبع عندها أن يحاسبها بالأربع ليال الزائدة على الثلاث التي هي حقها
قال : وهذا من الحمق ورقة الدين في النهاية القصوى ، لأنه لا يجب حق لأحد إلا أن يوجبه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أبو محمد
فالذي أوجب لها ثلاث ليال ألم بها دون ضرتها ، هو الذي أسقطها إن سبع عندها - لا يعترض عليه إلا كافر - نعوذ بالله من الضلال .
قال : فإن قالوا : فما قولكم إن أبو محمد ؟ أقام عند الثيب أكثر من ثلاث وأقل من سبع ، أو أكثر من سبع ، أو أقام عند البكر أو الثيب أكثر من سبع - ولها ضرة ، أو ضرائر زوجات
قلنا : نعم ، أما إن أقام عند الثيب أكثر من ثلاث وأقل من سبع ، فلا يحاسبها إلا بما زاد على الثلاث ، وأما إن أقام عندها أو عند البكر أكثر من سبع ، فإنه يحاسب الثيب بجميع ما أقام عندها ، ويوفي ضرتها أو ضرائرها مثل ذلك كله ولا يحاسب البكر إلا بما زاد على السبع فقط
برهان ذلك - : أن الثلاث حق الثيب ، والسبع حق البكر ، فما زاد على هذين فهو ظلم يحاسبها به ، ولا يسقط حق الثيب في أن ألم بالثلاث إلا حيث أسقطه الله عز وجل على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقط ، وليس ذلك إلا أن يسبع لها وزاد على السبع ، لأن الزيادة على السبع تسبيع وزيادة ، وقد سقط حقها في الثلاث بالتسبيع ، فإذا سقط لم يعد بالزيادة على السبع
وبالله تعالى التوفيق .
قال : واحتجوا لقولهم : يقسم للحرة ليلتين ، وللزوجة المملوكة ليلة برواية [ فاسدة ] رويناها من طريق أبو محمد نا سعيد بن منصور أرنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو ذر - أو عباد بن عبد الله الأسدي - عن أنه كان يقول : إذا [ ص: 216 ] تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة الثلث ، وللحرة الثلثان علي
وهذا لا يصح ، لأن سيئ الحفظ ، ابن أبي ليلى والمنهال ضعيف
وروي عن المغيرة بن مقسم أنه قال : لم يثبت للمنهال شهادة في الإسلام ولكنه صحيح من قول ، إبراهيم ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق والشعبي ، والحسن البصري
وروي عن ، عطاء ، وسعيد بن جبير ومحمد بن علي بن الحسين
وهو قول ، عثمان البتي والشافعي
وقال ، مالك ، والليث : القسم بينهما سواء . وأبو سليمان
قال : لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد توعد عليه الصلاة والسلام كما أوردنا قبل على الميل إلى زوجة دون أخرى ولم يخص حرة من أمة ولا مسلمة من كتابية أبو محمد
واحتجوا من قياسهم الفاسد بأن قالوا : لما كانت عدة الأمة نصف عدة الحرة : وجب أن يكونا في القسم كذلك
قال : وهذا في غاية الفساد - : أول ذلك أننا لا نوافقهم على أن عدة الأمة نصف عدة الحرة ، ثم على قولهم المختلط لا يختلفون أن عدة الأمة الحامل كعدة الحرة الحامل فهلا جعلوا القسمة لهما سواء ؟ من أجل تساويهما في العدة المذكورة . أبو محمد
ويقولون : إن عدة الأمة بالأقراء ثلاثا عدة الحرة ، فهلا قسموا لها الثلثين من قسم الحرة لما ذكرنا ؟ ولا خلاف في أن الأمة لا ترث ، وأن الحرة ترث ، فهلا جعلوا الأمة لا قسمة لها ، كما لا ميراث لها ، وكما لا شهادة لها عندهم ، ولكنهم في أهذارهم مثل الغريق بما أحس تعلق .
واحتجوا في قولهم الفاسد : إن للزوج أن يقسم للحرة ليلة ، ثم يبيت ثلاث ليال حيث شاء ، بروايات ساقطة عن كعب بن سوار : أنه حكم بذلك بحضرة ، فأعجب عمر بن الخطاب بذلك عمر
وهذا لا يصح ; لأنه إنما رواه عن : عمر الشعبي ، ، وقتادة ، وكلهم لم يولد إلا بعد موت وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف - [ ص: 217 ] ثم لو صح لما كان في أحد حجة غير رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر
وأما التخلف عن صلاة الجماعة - فقد ذكرناه في " كتاب الصلاة " من ديواننا هذا وغيره إيجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، وتوعده بحرق بيوت المتخلفين عنها لغير عذر
وقد تزوج عليه الصلاة والسلام وأصحابه فما منهم من أحد تخلف في التسبيع والتثليث عن صلاة الجماعة والجمعة ، وإنما هي ضلالة أحدثها الشيطان .
وأما فلا يكون إلا بالقرعة لأنه ثبت ذلك عن رسول الله كما روينا من طريق السفر بامرأة من زوجاته أو بامرأتين أو بثلاث نا مسلم إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - عن نا أبي نعيم الفضل بن دكين عبد الواحد بن أيمن حدثني عن ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد قالت { عائشة أم المؤمنين ، عائشة وحفصة ، فخرجتا معه } كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة على
قال : فإن خرج بها كما ذكرنا بقرعة لم يحاسبهن بلياليهن معه في السفر ، لأنه خرج بهن بحق لا بميل ولا بحيف ، فإن خرج بها بغير قرعة حاسبهن بتلك الليالي ، ولزمه فرضا أن يوفي التي لم يسافر بها عدد تلك الليالي أبو محمد
وهذا قول ، الشافعي وأبي سليمان
وقال : أبو حنيفة وأصحابهما : يخرج بها بغير قرعة ومالك
قال : وهذا باطل ، لأن العدل بين الزوجات فرض ، كما أوردنا ، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك إلا ما خصه نص ، ولم يخص النص إلا السفر بالقرعة فقط ، فما عدا ذلك فهو ظلم - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
فإن قيل : إن له أن لا يسافر بواحدة منهن ؟ قلنا : نعم ، وهو عدل بينهن في المنع ، فليس بذلك مائلا إلى إحداهن .
وأما إذا سافر بغير قرعة بواحدة منهن ، فقد مال إليها ، وهذا ظلم لا يحل - .
وبالله تعالى التوفيق