فصل في القسم بين الزوجتين فأكثر ( وهو ( ويلزم غير طفل أن يساوي بين زوجاته في القسم إذا كن حرائر كلهن أو ) كن ( إماء كلهن ) لأنه إذا قسم لواحدة أكثر من غيرها كان في ذلك ميل وقد قال تعالى { توزيع الزمان على زوجاته ) إن كن ثنتين فأكثر وعاشروهن بالمعروف } وليس مع الميل معروف .
وقال تعالى { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } ، لأن العدل أن لا يقع ميل ألبتة ، وهو متعذر ولو حرصتم على تحري ذلك ، وبالغتم فيه فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة التي ليست ذات بعل ولا مطلقة ، وعن مرفوعا { أبي هريرة } وعن من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل { عائشة } رواهما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم بيننا فيعدل ثم يقول : اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك أبو داود .
ويكون ( ليلة ) و ( ليلة ) لأنه إن قسم ليلتين وليلتين أو أكثر من ذلك كان في ذلك تأخير لحق من لها الليلة الثانية للتي قبلها ( إلا أن يرضين بالزيادة ) على ليلة وليلة لأن الحق لا يعدوهن ( وعماد القسم الليل ) لأنه يأوي فيه الإنسان إلى منزله ويسكن إلى أهله ، وينام على فراشه مع زوجته عادة والنهار للمعاش قال الله تعالى { وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار [ ص: 199 ] معاشا } ( ويخرج في نهاره في معاشه وقضاء حقوق الناس وما جرت العادة به ولصلاة العشاء والفجر ولو قبل طلوعه كصلاة النهار ) قلت لكن لا يعتاد الخروج قبل الأوقات إذا كان عند واحدة دون الأخرى ، لأنه غير عدل بينهما .
أما لو اتفق ذلك بعض الأحيان أو لعارض فلا بأس ( وحكم السبعة ) للبكر والثلاث للثيب ( التي يقيمها عند المزفوفة ) إليه ( حكم سائر القسم ) في أن عمادها الليل ، وأنه يخرج بالنهار ، وللصلوات وما جرت العادة به ( فإن تعذر عليه ) أي الزوج ( المقام عندها ) أي عند ذات الليلة ( ليلا لشغل أو حبس أو ترك ذلك ) أي المقام عندها في ليلتها ( لغير عذر قضاه لها ) كسائر الواجبات ( ويدخل النهار تبعا لليلة الماضية ) لأن النهار تابع لليل ولهذا يكون أول الشهر وقالت { عائشة } . قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي ، وفي يومي وإنما قبض - صلى الله عليه وسلم - نهارا
( وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز ) له ذلك ( لأن ذلك لا يتفاوت ) والغرض التعديل بينهن وهو حاصل بذلك ( إلا لمن معيشته بالليل كالحارس فإنه يقسم بالنهار لأنه محل سكنه ، ويكون الليل تبعا للنهار ) في حقه .