الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          اليهود والتحالف مع الأقوياء

          الدكتور / نعمان عبد الرازق السامرائي‏

          ثقة بالنفس أم غرور ؟

          إذا تحدث إنسان عن نفسه بشيء من الاعتزاز، فيمكن أن يقول صديقه: هـذا إنسان واثق بنفسه، أما عدوه فيصفه بأنه مغرور. واليهود عموما يتحدثون عن أنفسهم وكأنهم من طينة خاصة، فهم فوق البشر جميعا، أليسوا من شعب الله المختار، الذي انتقاه من بين سائر الشعوب؟ الواقع أن اليهود ما زالوا يسعرون هـذه الجذوة، ولا يسمحون لها أن تخمد، فهي كنار المجوس، يجب أن تبقى مشتعلة أبدا.

          وهذه بعض الأقوال التي تكشف عن هـذا التصور أو تفلسفه:

          1- آحاد هـعام: وهو اسم مستعار للكاتب الروسي (أشر غنزبرغ) 1898م، هـاجر إلى فلسطين مع أوائل المهاجرين، ثم اختلف مع الصهاينة وهاجر إلى أمريكا. يقول هـذا الكاتب [1] : من الطبيعي أن يسلم بحقيقة وجود درجات كثيرة في سلم الخليقة، مرورا بظهور الكائن غير العضوي فالنباتات، [ ص: 45 ] والمخلوقات القادرة على النطق، يتقدمها جميعا الجنس اليهودي) . لماذا هـذا التقدم وما الدليل؟

          ويحاول أن يعلل ذلك فيقول [2] : بقينا ثلاثة آلاف عام يهودا ولم يكن في وسعنا أن نكون غير ذلك، لأن هـناك قدرة قوية عليا ربطتنا إلى اليهودية، وهكذا فإن اليهودية حية في أعماقنا، وإلى جانبها كل الغرائز والمواهب الطبيعية التي تتطور في أعماقنا منذ ولدنا) .

          إذا كان الأمر كذلك فلا فضل لليهود، بل الفضل للقدرة العليا.

          2- يرى أ. بارتال [3] : (أن الثقافة اليهودية هـي روح الشعب اليهودي، وهي في الحقيقة القوة المحركة، إنها الداينمو القائم من وراء الثقافات الأخرى، ولا سيما الثقافات الأوروبية) .

          إذا سلمنا بأن الثقافة اليهودية، هـي روح الشعب اليهودي، فما الدليل على أن هـذه الثقافة هـي المحرك للثقافة الأوروبية؟؟. [ ص: 46 ]

          الذي نعلمه أن بعض الذين خرجوا على اليهودية، قد قدموا نظريات وأفكارا، فهل يقصد الكاتب هـؤلاء؟

          3- ولقد ذهب " موسى هـس " ملك العنصرية لأبعد من ذلك حين قال [4] : (أن خروج اليهود من أوربا سيحرمها من عطاء اليهود الأخلاقي، ولكن تجميعهم في فلسطين سيخلق القاعدة التي تعلم الغرب دروسا في الحياة) . فما هـي تلك الدروس.

          4- ويرى نوردو [5] (أن اليهودي يمتلك من الجرأة والكفاءة أكثر مما يمتلكه الأوروبي العادي المتوسط، ناهيك بالأسيويين والأفريقيين) .

          والسؤال: هـل ينطبق ذلك مثلا على يهود اليمن والفلاشا؟؟

          شهادة جولدا مائير عن مهاجري اليمن أنهم كانوا أميين قذرين، يرفضون استعمال الحمامات ولا يجيدون صنعة ولا حرفة.

          ومثلهم يهود إيران كما وصفهم الصحفي اليهودي سجيف [ ص: 47 ] في كتابه (المثلث الإيراني، العلاقات السرية الإسرائيلية الإيرانية الأمريكية) .

          5- يقول مارتن بوير [6] : (إن الإسرائيليين شعب فريد، يختلف عن بقية الشعوب الأخرى، فهو الشعب الوحيد الذي يعتبر شعبا، وفي الوقت نفسه يعتبر مجتمعا دينيا، وكل من يقطع العلاقة بين هـذين العنصرين، يقطع حياة إسرائيل نفسها) . وهل يصدق أحد أن يهود روسيا وألمانيا وهولندا وأمريكا والفلاشة ويهود إيران والهند وسرلانكة والصين، واليهود الأتراك والعرب والأكراد، كل هـؤلاء ينتمون لشعب واحد؟؟

          إنهم طائفة دينية، جمعت عدة شعوب، كما جمع الإسلام والنصرانية شعوبا عدة.

          6- ويذهب حاخام كيمبرج نفس المذهب فيقول [7] : (إن الشعب اليهودي شعب منفصل، لا شأن له بما يجري لدى بقية السكان الإنكليز) لذا فهو يعارض في دخولهم البرلمان وقد وصف اللورد (أشلي) بعض اليهود بالكفار، لأنهم يفضلون الجلوس في مقعد في مجلس العموم، على الجلوس تحت أشجار الكرم والتين في الأرض المقدسة. [ ص: 48 ]

          وحذر (شختر) من اندماج اليهود، معتقدا بأن ذلك يؤدي للكفر، وقطع علاقة اليهودي بالكنيس [8] 7- تحدث (موشى أرين) الاشتراكي أمام البرلمان الإسرائيلي فكان مما قال [9] : إنه كاشتراكي لا يؤمن بالدين، ومع ذلك فإن إيماننا العميق، الذي لا يقوم على أي أنظمة أو برامج حزبية، يؤكد بأن اليهودي الذي يعتنق دينا آخر، يقطع بعمله هـذا علاقته بالمجموعة وبالشعب، نظرا لأن الدافع لذلك ليس الإيمان ولا المعتقد، وإنما الرغبة في الهروب من مصير الشعب ومعاناته ونضاله.

          والسؤال: هـذه خطبة لعلماني اشتراكي أم موعظة من حاخام في الكنيس؟ وما الدليل على أن الدافع وراء تغيير الدين هـو الهروب؟؟

          8- يتحدث ملك العنصرية (هس) حديثا غريبا فيربط بين إصلاح الأرض، وتقديم العالم الولاء لليهود فيقول [10] : (سيعيد رأسمالكم الحياة للأرض القاحلة، ويحول عملكم وجهدكم مرة أخرى التربة القديمة إلى وديان مثمرة، [ ص: 49 ] بعد أن تنقذوا الأرض من براثن رمال الصحراء الممتدة، بعد ذلك سيقدم لكم العالم من جديد آيات الولاء والاحترام) هـل كل من يصلح أرضه ويزرعها يقدم له العالم الولاء أم ذلك خاص باليهود؟ وما هـو السر وراء ذلك؟.

          9- يقارن (روبين) بين اليهود وغيرهم، فيرى أنه غير اليهود (قد يمتلكون بعض جوانب التفوق أما اليهود [11] (فيما يتعلق بالمواهب الذهنية فاليهود شعب لا يعلى عليه) ومرة ثانية هـل يشمل ذلك يهود اليمن والفلاشا ويهود إيران؟؟

          10- أما هـرتزل الذي طالما وصف اليهود بأقبح النعوت فيرى أن اليهود عليهم أن ينقلوا للعالم أشياء كثيرة [12] (كم هـي إلهية الأشياء التي علينا أن ندخلها في رءوس الشعوب الأخرى) علما بأن الرجل ملحد.

          إلا أن محامي اليهود سارتر له شهادة يقول فيها: إن اليهود متهمون بثلاث تهم كبرى، وهو يؤيد هـذا الاتهام، ويدافع عنه فيقول: يتهمهم العالم بمحاربة الوحي ونشر العقلانية بدله، وبجمع المال وتكديسه، وبتعرية الأجساد، وللحقيقة فإن العالم يتهمهم بأكثر من ذلك، كنشر الربا، والفساد الخلقي ومحاربة الأديان. [ ص: 50 ]

          11- ويرى (موسى هـمس) [13] : (أن الشعب اليهودي ليس موهوبا بذكائه وثقافته فقط، بل هـو أيضا متفوق في الزواج، وأن الحب الأمومي عنده متغلب على الحب الجنسي، بل إن القلب اليهودي وحده يستطيع أن يفسح مجالا للحب الحميم تجاه العائلة، واليهود وحدهم قادرون على الارتقاء روحيا علما بأن الرجل عالم أنثربولوجي مشهور. فماذا بقي للبشرية بعد هـذا؟؟ ألا يمكن أن يدعي (هس) بأن غير اليهود لا عواطف لهم، أو يتنفسون من منخر واحد، أو يولدون بلا عقل؟؟

          12- علق الحاخام (راشي) على خلق الكون في التوراة فقال [14] : (إن الله يخبر إسرائيل والعالم أنه هـو الخالق، ولذلك فهو صاحب ما يخلق، يوزعه كيفما يشاء، فإذا قال الناس لليهود: أنتم لصوص، لأنكم غزوتم أرض إسرائيل وأخذتموها، فإنه يمكن لليهود أن يجيبوا بقولهم: إن الأرض مثل الدنيا ملك الله وهو قد أعطاها لنا) .

          بناء على هـذا المنطق، يمكن القول بأن من يسرق مال يهودي أو يأخذه، أن يقول مثل كلام الحاخام راشي. [ ص: 51 ] وأفضل من هـذا وذاك أن نردد قوله تعالى [15] ( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) (الأعراف:128 ) .

          13- وأختم بما قاله عبد الوهاب المسيري [16] (إنهم جميعا يتفقون على مفهوم (الشعب اليهودي) وأنه شعب غريب عن غيره، فريد في نوعه، مقدس في طبيعته غير أن مصدر هـذه القداسة يختلف من فئة إلى أخرى، فهو إلهي بالنسبة للمتدينين، وذاتي النشأة بالنسبة لغير المتدينين) .

          14- وأخيرا فقد ورد في التلمود وتكرر كثيرا [17] (كما أن العالم لا يمكن أن يعيش بدون هـواء، فإنه لا يمكن أن يعيش بدون إسرائيل) .

          وقد عاش العالم ألوف السنين بدون إسرائيل، وغدا أو بعد غد سيكون سعيدا بانقراضها وزوالها.

          وترد في أدبيات اليهود ألفاظ ومصطلحات غريبة [18] مثل (عام عولام) الشعب الأزلي و (عام نيصح) الشعب الأبدي. [ ص: 52 ]

          15- وإذا كان كل مما تقدم يشكل مدحا لليهود، فهناك نص لأرميا الكاهن يسود تاريخهم جميعا فهو يقول [19] : (مثل خزي اللص إذا وقع، هـكذا خزي آل إسرائيل، هـم وملوكهم ورؤسائهم وكهنتهم وأنبياؤهم، إذ يقولون للخشب: أنت أبي، وللحجر أنت والدي، لأنهم أداروا نحوي قفاهم لا وجوههم، وفي وقت مصيبتهم يقولون: قم وخلصنا. فأين آلهتك التي صنعت لنفسك؟ فليقوموا إن استطاعوا أن يخلصوك في وقت بليتك. لأنه قد صارت آلهتك بعدد مدنك يا يهوذا. لماذا تخاصمونني؟ كلكم عصيتموني، يقول الرب: ضربت أبناءكم بلا فائدة، إذ لم يقبلوا تأديبا. سيفكم أكل أنبياءكم كأسد مفترس. وكان أرميا ممن قتله اليهود من الأنبياء.

          16- يتساءل الكاتب الصهيوني (يوسف حييم يريبر) [20] من أين أتى هـذا الاحتقار من جانب اليهود.. للأغيار.. والشعور بالسمو عليهم؟ هـل كان اليهودي عديم الشعور حقا، وميتا إلى درجة لم يشعر معها أن حياة (الأغيار) [ ص: 53 ] أكثر غنى وأكثر جمالا من حياته؟ كلا، إن هـذا مستحيل، ولا نستطيع أن نصدق هـذا، فإذا كان هـناك احتقار للأغيار، فلم يكن ذلك سوى حسد طبيعي، يشعر به الفقراء تجاه الأغنياء، والرهبان تجاه الفرسان، والعاجز تجاه القادر، إن هـذا الاحتقار لم يكن سوى، استسلام لنصيبنا في الدنيا، وأحيانا نوع من العزاء لآمالنا في العالم الآخر، يتلوه صرير أسنان، وغضب داخلي عن وعي أو غير وعي.

          17- وأختم بما وصف به فولتير اليهود وحيث قال [21] ( إنك لتجد فيهم مجرد شعب جاهل ومتوحش، زاول لمدة طويلة أخس أنواع البخل، وأبغض أنواع الخرافات، ويحمل كراهية لا تعادلها كراهية لكافة الشعوب التي تسامحت معه، وكانت سببا في ثرائه) .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية