( 6999 ) مسألة : قال ( وعلى هذا ما زاد من الحكومة أو نقص ، إلا أن تكون الجناية في رأس أو وجه ، فيكون أسهل مما وقت فيه ، فلا يجاوز به أرش الموقت ) يعني لو نقصته الجناية أكثر من عشر قيمته ، لوجب أكثر من عشر ديته ، ولو نقصته أقل من العشر ، مثل أن نقصته نصف عشر قيمته ; لوجب نصف عشر ديته ، إلا إذا ، لم يجب الزائد ، فلو جرحه في وجهه سمحاقا ، فنقصته عشر قيمته ، فمقتضى الحكومة وجوب عشر من الإبل ، شجه دون الموضحة ، فبلغ أرش الجراح بالحكومة أكثر من أرش الموضحة خمس ، فهاهنا يعلم غلط المقوم ; لأن الجراحة لو كانت موضحة ، لم تزد على خمس ، مع أنها سمحاق وزيادة عليها ; فلأن لا يجب في بعضها زيادة على خمس أولى . وهذا قول أكثر أهل العلم . وبه يقول ودية الموضحة ، وأصحاب الرأي . الشافعي
وحكي عن ، أنه يجب ما تخرجه الحكومة ، كائنا ما كان ; لأنها جراحة لا مقدر فيها ، فوجب فيها ما نقص ، كما لو كانت في سائر البدن . ولنا ، أنها بعض الموضحة ; لأنه لو أوضحه ، لقطع ما قطعته هذه الجراحة ، ولا يجوز أن يجب في بعض الشيء أكثر مما يجب فيه ، ولأن الضرر في الموضحة أكثر ، والشين أعظم ، والمحل واحد ، فإذا لم يزد أرش الموضحة على خمس ، كان ذلك تنبيها على أن لا يزيد ما دونها عليها . وأما سائر البدن ، فما كان فيه موقت ، كالأعضاء ، والعظام المعلومة ، والجائفة ، فلا يزاد جرح عظم على ديته ، مثاله ، جرح أنملة ، فبلغ أرشها بالحكومة خمسا من الإبل ، فإنه يرد إلى دية الأنملة . وإن جنى عليه في جوفه دون الجائفة ، لم يزد على أرش الجائفة ، وما لم يكن كذلك ، وجب ما أخرجته الحكومة ; لأن المحل مختلف . فإن قيل : فقد وجب في بعض البدن أكثر مما وجب في جميعه ، ووجب في منافع اللسان أكثر من الواجب فيه ؟ قلنا : إنما وجبت دية النفس عوضا عن الروح ، وليست الأطراف بعضها ، بخلاف مسألتنا هذه . ذكره مالك . القاضي
ويحتمل كلام أن يختص امتناع الزيادة بالرأس والوجه ; لقوله : إلا أن تكون الجناية في رأس أو وجه ، فلا يجاوز به أرش الموقت . [ ص: 378 ] فصل : وإذا أخرجت الحكومة في شجاج الرأس التي دون الموضحة قدر أرش الموضحة ، أو زيادة عليه ، فظاهر كلام الخرقي أنه يجب أرش الموضحة . وقال الخرقي : يجب أن تنقص عنها شيئا ، على حسب ما يؤدي إليه الاجتهاد . وهذا مذهب القاضي ; لئلا يجب في بعضها ما يجب في جميعها . وجه قول الشافعي أن مقتضى الدليل وجوب ما أخرجته الحكومة ، وإنما سقط الزائد على أرش الموضحة ; لمخالفته النص ، أو تنبيه النص ، ففيما لم يزد ، يجب البقاء على الأصل ، ولأن ما ثبت بالتنبيه ، يجوز أن يساوي المنصوص عليه في الحكم ، ولا يلزم أن يزيد عليه ، كما أنه نص على وجوب فدية الأذى في حق المعذور ، ولم تلزم زيادتها في حق من لا عذر له ، ولا يمتنع أن يجب في البعض ما يجب في الكل ، بدليل وجوب دية الأصابع ; مثل دية اليد كلها ، وفي حشفة الذكر مثل ما في جميعه . الخرقي
فإن هذا وجب بالتقدير الشرعي ، لا بالتقويم . قلنا : إذا ثبت الحكم بنص الشارع ، لم يمتنع ثبوت مثله بالقياس عليه ، والاجتهاد المؤدي إليه . وفي الجملة ، فالحكومة دليل ترك العمل بها في الزائد لمعنى مفقود في المساوي ، فيجب العمل فيه بها لعدم المعارض ثم ، وإن صح ما ذكروه ، فينبغي أن ينقص أدنى ما تحصل به المساواة المحذورة ، ويجب الباقي ، عملا بالدليل الموجب له - والله أعلم .