( 4803 ) فصل : وإن فليس للوصي أخذ المعين قبل قدوم الغائب أو استيفاء الدين ; لأنه ربما تلف ، فلا تنفذ الوصية في المعين كله . وظاهر كلام وصى بمعين حاضر ، وسائر ماله دين أو غائب ، أن للوصي ثلث المعين . ذكره في المدبر . وقيل : لا يدفع إليه شيء ; لأن الورثة شركاؤه في التركة ، فلا يحصل له [ ص: 156 ] شيء ما لم يحصل للورثة مثله ، ولم يحصل لهم شيء . وهذا وجه لأصحاب الخرقي . والصحيح أن له الثلث ; لأن حقه فيه مستقر ، فوجب تسليمه إليه ، لعدم الفائدة في وقفه ، كما لو لم يخلف غير المعين . ولأنه لو تلف سائر المال ، لوجب تسليم ثلث المعين إلى الوصي ، وليس تلف المال سببا لاستحقاق الوصية وتسليمها ، ولا يمنع نفوذ الوصية في الثلث المستقر ، وإن لم ينتفع الورثة بشيء ، كما لو أبرأ معسرا من دين عليه . وقال الشافعي : يخير الورثة بين دفع العين الموصى بها ، وبين جعل وصيته بثلث المال ; لأن الموصي كان له أن يوصي بثلث ماله ، فعدل إلى المعين . وليس له ذلك ; لأنه يؤدي إلى أن يأخذ الموصى له المعين ، فينفرد بالتركة على تقدير تلف الباقي قبل وصوله إلى الورثة ، فيقال للورثة : إن رضيتم بذلك ، وإلا فعودوا إلى ما كان له أن يوصي به ، وهو الثلث . ولنا ، أنه أوصى بما لا يزيد على الثلث لأجنبي ، فوقع لازما ، كما لو وصى له بمشاع . وما قاله لا يصح ; لأن جعل حقه في قدر الثلث إشاعة ، وإبطال لما عينه ، فلا يجوز إسقاط ما عينه الموصي للموصى له ، ونقل حقه إلى ما لم يوص به ، كما لو وصى له بمشاع ، لم يجز نقله إلى معين ، وكما لو كان المال كله حاضرا أو غائبا . إذا ثبت هذا ، فإن للموصى له ثلث المعين الحاضر ، وكلما اقتضي من دينه شيء أو حضر من الغائب شيء فللموصى له بقدر ثلثه من الموصى به ، كذلك حتى يكمل للموصى له الثلث ، أو يأخذ المعين كله . فلو خلف تسعة عينا ، وعشرين دينا وابنا ، ووصى بالتسعة لرجل ، فللوصي ثلثها ثلاثة ، وكلما اقتضي من الدين شيء فللوصي ثلثه ، فإذا اقتضي ثلثه فله من التسعة واحد ، حتى يقتضي ثمانية عشر ، فيكمل له التسعة . وإن جحد الغريم ، أو مات ، أو يئس من استيفاء الدين ، أخذ الورثة الستة الباقية من العين . ولو كان الدين تسعة ، فإن الابن يأخذ ثلث العين ، ويأخذ الوصي ثلثها ، ويبقى ثلثها موقوفا ، كلما استوفي من الدين شيء فللوصي من العين قدر ثلثه ، فإذا استوفي الدين كله ، كمل للموصى له ستة ، وهي ثلث الجميع . وإن كانت الوصية بنصف العين ، أخذ الوصي ثلثها ، وأخذ الابن نصفها ، وبقي سدسها موقوفا ، فمتى اقتضى من الدين مثليه ، كملت الوصية . مالك