( 4758 ) فصل : ونقل المروذي ، عن ، في من أحمد يجزأ ثلاثة أجزاء ; جزء في الجهاد ، وجزء يتصدق به في قرابته ، وجزء في الحج . وقال في رواية أوصى بثلثه في أبواب البر ، أبي داود : الغزو يبدأ به . وحكي عنه أنه جعل جزءا في فداء الأسرى . وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد ، بل يجوز صرفه في جهات البر كلها ; لأن اللفظ للعموم ، فيجب حمله على عمومه ، ولا يجوز تخصيص العموم بغير دليل ، وربما كان غير هذه الجهات أحوج من بعضها وأحق ، وقد تدعو الحاجة إلى تكفين ميت ، وإصلاح طريق ، وفك أسر ، [ ص: 137 ] وإعتاق رقبة وقضاء دين ، وإغاثة ملهوف ، أكثر من دعائها إلى حج من لا يجب عليه الحج ، فيكلف وجوب ما لم يكن عليه واجبا وتعبا كان الله قد أراحه منه ، من غير مصلحة تعود على أحد من خلق الله ، فتقديم هذا على ما مصلحته ظاهرة ، والحاجة إليه داعية ، بغير دليل ، تحكم لا معنى له . وإذا قال : ضع ثلثي حيث يريك الله . فله صرفه في أي جهة من جهات القرب ، رأى وضعه فيها ، عملا بمقتضى وصيته . وذكر أنه يجب صرفه إلى الفقراء والمساكين ، والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه ، فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع ، فإن لم يكن فإلى جيرانه . وقال أصحاب القاضي : يجب ذلك ; لأنه رده إلى اجتهاده فيما فيه الحظ ، وهذا أحظ . ولنا ، أنه قد يرى غير هذا أهم منه وأصلح ، فلا يجوز تقييده بالتحكم . ونقل الشافعي أبو داود ، عن ، أنه سئل عن أحمد فإنه يبدأ بهم ، فإنهم أحق . قال : وسئل عن رجل أوصى بثلثه في المساكين ، وله أقارب محاويج لم يوص لهم بشيء ، ولم يرثوا ، قال : نعم ، هم أحق ، يعطون خمسون درهما لا يزادون على ذلك . يعني لا يزاد كل واحد منهم على ذلك ; لأنه القدر الذي يحصل به الغنى . النصراني يوصي بثلثه للفقراء من المسلمين ، أيعطى إخوته وهم فقراء ؟