( 4456 ) فصل : فإن وهب الأب لابنه شيئا ، قام مقامه في القبض والقبول ، إن احتيج إليه . قال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن ابن المنذر ، أن الهبة تامة . هذا قول الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها ، أو عبدا بعينه ، وقبضه له من نفسه ، وأشهد عليه ، مالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي . وروينا معنى ذلك عن والشافعي ، شريح . ثم إن كان الموهوب مما يفتقر إلى قبض ، اكتفي بقوله : قد وهبت هذا لابني ، وقبضته له وعمر بن عبد العزيز
لأنه يغني عن القبول كما ذكرنا . ولا يغني قوله : قد قبلته . لأن القبول لا يغني عن القبض . وإن كان مما لا يفتقر اكتفي بقوله : قد وهبت هذا لابني . ولا يحتاج إلى ذكر قبض ولا قبول . قال : أجمع الفقهاء على أن ابن عبد البر وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض ، وإن وليها أبوه ; لما رواه هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج إلى قبض ، ، عن مالك الزهري ، عن ، أن ابن المسيب قال : من نحل ولدا له صغيرا ، لم يبلغ أن يحوز نحلة ، فأعلن ذلك ، وأشهد على نفسه ، فهي جائزة ، وإن وليها أبوه عثمان
وقال : لا بد في هبة الولد من أن يقول : قد قبلته . وهذا مذهب القاضي ; لأن الهبة عندهم لا تصح إلا بإيجاب وقبول . وقد ذكرنا من قبل أن قرائن الأحوال ودلالتها تغني عن لفظ القبول ، ولا أدل على القبول من كون القابل هو الواهب ، فاعتبار لفظ لا يفيد معنى من غير ورود الشرع به تحكم لا معنى له ، مع مخالفته لظاهر حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته . وليس هذا مذهبا الشافعي ، فقد قال في رواية لأحمد حرب ، في رجل أشهد بسهم من ضيعته وهي معروفة لابنه ، وليس له ولد غيره ، فقال : أحب إلي أن يقول عند الإشهاد : قد قبضته له
قيل له : فإن سها ؟ قال : إذا كان مفرزا رجوت . فقد ذكر أنه يكتفى بقوله : قد قبضته . وأنه يرجو أن يكتفى مع التمييز بالإشهاد فحسب . وهذا موافق للإجماع المذكور عن سائر العلماء . وقال بعض أصحابنا : يكتفى بأحد لفظين ، إما أن يقول : قد قبلته ، أو قبضته . لأن القبول يغني عن القبض . وظاهر كلام أحمد ما ذكرناه أحمد
ولا فرق بين الأثمان وغيرها فيما ذكرنا ، وبه يقول ، أبو حنيفة . وقال والشافعي : إن وهب له ما يعرف بعينه كالأثمان ، لم يجز ، إلا أن يضعها على يد غيره ; لأن الأب قد يتلف ذلك ، ويتلف بغير سببه ، ولا يمكن أن يشهد على شيء بعينه ، فلا ينفع القبض شيئا . ولنا أن ذلك مما لا تصح هبته ، فإذا وهبه لابنه الصغير ، وقبضه له ، وجب أن تصح كالعروض . مالك