( 4455 ) مسألة قال وجملة ذلك أن الطفل لا يصح قبضه لنفسه ، ولا قبوله ; لأنه ليس من أهل التصرف ، ووليه يقوم مقامه في ذلك ; فإن كان له أب أمين ، فهو وليه ; لأنه أشفق عليه ، وأقرب إليه ، وإن مات أبوه الأمين ، وله وصي ، فوليه وصيه ; لأن الأب أقامه مقام نفسه ، فجرى مجرى وكيله . وإن كان الأب غير مأمون ، لفسق أو جنون ، أو مات عن غير وصي ، فأمينه الحاكم . : ( ويقبض للطفل أبوه ، أو وصيه ، أو الحاكم ، أو أمينه بأمره )
ولا يلي ماله غير هؤلاء الثلاثة ، وأمين الحاكم يقوم مقامه ، وكذلك وكيل الأب والوصي ، فيقوم كل واحد منهم مقام الصبي في القبول والقبض إن احتيج إليه ; لأن ذلك قبول لما للصبي فيه حظ ، فكان إلى الولي ، كالبيع والشراء . ولا يصح القبض والقبول من غير هؤلاء . قال ، في رواية أحمد ، في صبي وهبت له هبة ، أو تصدق عليه بصدقة ، فقبضت الأم ذلك وأبوه حاضر ، فقال : لا أعرف للأم قبضا ، ولا يكون إلا للأب . صالح
وقال رضي الله عنه : أحق من يحوز على الصبي أبوه . وهذا مذهب عثمان ، ولا أعلم فيه خلافا ; لأن القبض إنما يكون من المتهب أو نائبه ، والوالي نائب بالشرع ، فصح قبضه له ، أما غيره فلا نيابة له . ويحتمل أن يصح القبض والقبول من غيرهم عند عدمهم ; لأن الحاجة داعية إلى ذلك الشافعي
فإن الصبي قد يكون في مكان لا حاكم فيه ، وليس له أب ولا وصي ، ويكون فقيرا لا غنى به عن الصدقات ، فإن لم [ ص: 386 ] يصح قبض غيرهم له ، انسد باب وصولها إليه ، فيضيع ويهلك ، ومراعاة حفظه عن الهلاك أولى من مراعاة الولاية . فعلى هذا ، للأم القبض له ، وكل من يليه من أقاربه وغيرهم . وإن كان الصبي مميزا ، فحكمه حكم الطفل ، في قيام وليه مقامه ، لأن الولاية لا تزول عنه قبل البلوغ ، إلا أنه إذا قبل لنفسه ، وقبض لها صح ; لأنه من أهل التصرف ، فإنه يصح بيعه وشراؤه بإذن الولي ، فهاهنا أولى
. ولا يحتاج إلى إذن الولي هاهنا ; لأنه محض مصلحة ، ولا ضرر فيه ، فصح من غير إذن وليه ، كوصيته ، وكسب المباحات . ويحتمل أن يقف صحة القبض منه على إذن وليه ، دون القبول ; لأن القبض يحصل به مستوليا على المال ، فلا يؤمن تضييعه له وتفريطه فيه ، فيتعين حفظه عن ذلك بوقفه على إذن وليه ، كقبضه لوديعته . وأما القبول ، فيحصل له به الملك من غير ضرر ، فجاز من غير إذن ، كاحتشاشه واصطياده .