( 3982 ) فصل : وإن وجب رد مثله فإن فقد المثل ، وجبت قيمته يوم انقطاع المثل . وقال كان المغصوب من المثليات فتلف ، : تجب قيمته يوم قبض البدل ; لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل ، بدليل أنه لو وجد المثل بعد فقده ، لكان الواجب هو دون القيمة . وقال القاضي أبو حنيفة ، وأكثر أصحاب ومالك تجب قيمته يوم المحاكمة ; لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم . الشافعي :
ولنا ، أن القيمة وجبت في الذمة حين انقطاع المثل ، فاعتبرت القيمة حينئذ ، كتلف المتقوم ، ودليل وجوبها حينئذ أنه يستحق طلبها واستيفاءها ، ويجب على الغاصب أداؤها ، ولا ينفي وجوب المثل ; لأنه معجوز عنه ، والتكليف يستدعي الوسع ، ولأنه لا يستحق طلب المثل ولا استيفاءه ، ولا يجب على الآخر أداؤه ، فلم يكن واجبا كحالة المحاكمة .
وأما إذا قدر على المثل بعد فقده ، فإنه يعود وجوبه ; لأنه الأصل قدر عليه قبل أداء البدل ، فأشبه القدرة على الماء بعد التيمم ، ولهذا لو قدر عليه بعد المحاكمة وقبل الاستيفاء ، لاستحق المالك طلبه وأخذه . وقد روي عن في رجل أخذ من رجل أرطالا من كذا وكذا : أعطاه على السعر يوم أخذه ، لا يوم يحاسبه . أحمد
وكذلك روي عنه في حوائج البقال : عليه القيمة يوم الأخذ . وهذا يدل على أن القيمة تعتبر يوم الغصب . وقد ذكرنا ذلك في الفصل قبل هذا . ويمكن التفريق بين هذا وبين الغصب من قبل أن من أخذه هاهنا بإذن مالكه ، ملكه وحل له التصرف فيه ، فتثبت قيمته يوم ملكه ، ولم يتغير ما ثبت في ذمته بتغير قيمة ما أخذه ; لأنه ملكه ، والمغصوب ملك للمغصوب منه ، والواجب رده لا قيمته ، وإنما تثبت قيمته في الذمة يوم تلفه ، أو انقطاع مثله ، فاعتبرت القيمة حينئذ ، وتغيرت بتغيره قبل ذلك .
فأما إن كان المغصوب باقيا ، وتعذر رده ، فأوجبنا [ ص: 163 ] رد قيمته ، فإنه يطالبه بقيمته يوم قبضها ; لأن القيمة لم تثبت في الذمة قبل ذلك ، ولهذا يتخير بين أخذها والمطالبة بها ، وبين الصبر إلى وقت إمكان الرد ومطالبة الغاصب بالسعي في رده ، وإنما يأخذ القيمة لأجل الحيلولة بينه وبينه ، فيعتبر ما يقوم مقامه ، ولأن ملكه لم يزل عنه ، بخلاف غيره .