( 383 ) مسألة : قال : ( وإذا خرج فتوضأ ، أو اغتسل إن كان جنبا ، واستقبل الصلاة ) المشهور في المذهب أن المتيمم إذا قدر على استعمال الماء بطل تيممه ، سواء كان في الصلاة أو خارجا منها ; فإن كان في الصلاة بطلت ، لبطلان طهارته ، ويلزمه استعمال الماء ، فيتوضأ إن كان محدثا ، ويغتسل إن كان جنبا . وبهذا قال وجد المتيمم الماء ، وهو في الصلاة ، ، الثوري . وقال وأبو حنيفة ، مالك ، والشافعي ، وأبو ثور : إن كان في الصلاة ، مضى فيها . وقد روي ذلك عن وابن المنذر ، إلا أنه روي عنه ما يدل على رجوعه عنه . أحمد
قال المروذي : قال : كنت أقول يمضي . ثم تدبرت ، فإذا أكثر الأحاديث على أنه يخرج . وهذا يدل على رجوعه عن هذه الرواية . واحتجوا بأنه وجد المبدل بعد التلبس بمقصود البدل ، فلم يلزمه الخروج ، كما لو وجد الرقبة بعد التلبس بالصيام ; ولأنه غير قادر على استعمال الماء ; لأن قدرته تتوقف على إبطال الصلاة ، وهو منهي عن إبطالها ، بقوله تعالى : { أحمد ولا تبطلوا أعمالكم } ولنا قوله عليه السلام : { } . أخرجه الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك أبو داود . والنسائي
دل بمفهومه : على أنه لا يكون طهورا عند وجود الماء ، وبمنطوقه على وجوب إمساسه جلده عند وجوده ; ولأنه قدر على استعمال الماء ، فبطل تيممه ، كالخارج من الصلاة ; ولأن [ ص: 168 ] التيمم طهارة ضرورة ، فبطلت بزوال الضرورة كطهارة المستحاضة إذا انقطع دمها . يحققه أن التيمم لا يرفع الحدث ، وإنما أبيح للمتيمم أن يصلي مع كونه محدثا ; لضرورة العجز عن الماء ، فإذا وجد الماء زالت الضرورة ، فظهر حكم الحدث كالأصل ، ولا يصح قياسهم ; فإن الصوم هو البدل نفسه ، فنظيره إذا قدر على الماء بعد تيممه ، ولا خلاف في بطلانه . ثم الفرق بينهما أن مدة الصيام تطول ، فيشق الخروج منه ; لما فيه من الجمع بين فرضين شاقين ، بخلاف مسألتنا .
وقولهم : إنه غير قادر غير صحيح فإن الماء قريب ، وآلته صحيحة ، والموانع منتفية ، وقولهم : إنه منهي عن إبطال الصلاة . قلنا : لا يحتاج إلى إبطال الصلاة ، بل هي تبطل بزوال الطهارة ، كما في نظائرها . فإذا ثبت هذا ، فمتى خرج فتوضأ لزمه استئناف الصلاة . وقيل : فيه وجه آخر ، أنه يبنى على ما مضى منها ، كالذي سبقه الحدث . والصحيح أنه لا يبني ; لأن الطهارة شرط ، وقد فاتت ببطلان التيمم ، فلا يجوز ، ولا يجوز بقاء ما مضى صحيحا مع خروجه منها قبل إتمامها . وكذا نقول فيمن سبقه الحدث وإن سلمنا ، فالفرق بينهما أن ما مضى من الصلاة انبنى على طهارة ضعيفة هاهنا ، فلم يكن له البناء عليه ، كطهارة المستحاضة ، بخلاف من سبقه الحدث . بقاء الصلاة مع فوات شرطها