( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )
قوله تعالى : ( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير )
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما حكم بجواز النسخ عقبه ببيان أن ملك السماوات والأرض له لا لغيره ، [ ص: 212 ] وهذا هو ، وهذا هو مذهب أصحابنا ، وأنه إنما حسن التكليف منه لمحض كونه مالكا للخلق مستوليا عليهم ، لا لثواب يحصل ، أو لعقاب يندفع . التنبيه على أنه سبحانه وتعالى إنما حسن منه الأمر والنهي ؛ لكونه مالكا للخلق
قال القفال : ويحتمل أن يكون هذا إشارة إلى أمر القبلة ، فإنه تعالى أخبرهم بأنه مالك السماوات والأرض ، وأن الأمكنة والجهات كلها له ، وأنه ليس بعض الجهات أكبر حرمة من البعض ، إلا من حيث يجعلها هو تعالى له ، وإذا كان كذلك ، وكان الأمر باستقبال القبلة إنما هو محض التخصيص بالتشريف ، فلا مانع يمنع من تغيره من جهة إلى جهة ، وأما الولي والنصير فكلاهما فعيل بمعنى فاعل على وجه المبالغة ، ومن الناس من استدل بهذه الآية على أن الملك غير القدرة ، فقال : إنه تعالى قال أولا : ( ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ) ثم قال بعده : ( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ) فلو كان الملك عبارة عن القدرة لكان هذا تكريرا من غير فائدة ، والكلام في حقيقة الملك والقدرة قد تقدم في قوله : ( مالك يوم الدين ) [ الفاتحة : 4 ] .