النكتة الخامسة عشرة : أدخل الألف واللام في الشيطان ليكون تعريفا للجنس ؛ لأن الشياطين كثيرة مرئية وغير مرئية ، بل المرئي ربما كان أشد ، حكي عن بعض المذكرين أنه قال في مجلسه : إن فيتعلقون بيديه ورجليه وقلبه ويمنعونه من الصدقة ، فلما سمع بعض القوم ذلك فقال : إني أقاتل هؤلاء السبعين ، وخرج من المسجد وأتى المنزل وملأ ذيله من الحنطة وأراد أن يخرج ويتصدق به فوثبت زوجته وجعلت تنازعه وتحاربه حتى أخرجت ذلك من ذيله ، فرجع الرجل خائبا إلى المسجد فقال المذكر : ماذا عملت ؟ فقال : هزمت السبعين فجاءت أمهم فهزمتني . وأما إن جعلنا الألف [ ص: 85 ] واللام للعهد فهو أيضا جائز ؛ لأن جميع المعاصي برضى هذا الشيطان ، والراضي يجري مجرى الفاعل له ، وإذا استبعدت ذلك فاعرفه بالمسألة الشرعية ، فإن عند الرجل إذا أراد أن يتصدق فإنه يأتيه سبعون شيطانا قراءة الإمام قراءة للمقتدي من حيث رضي بها وسكت خلفه . أبي حنيفة
النكتة السادسة عشرة : ، وأما المطيع فقريب قال الله تعالى : ( الشيطان مأخوذ من " شطن " إذا بعد فحكم عليه بكونه بعيدا واسجد واقترب ) [ العلق : 19 ] والله قريب منك قال الله تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ) [ البقرة : 186 ] وأما الرجيم فهو المرجوم بمعنى كونه مرميا بسهم اللعن والشقاوة وأما أنت فموصول بحبل السعادة قال الله تعالى : ( وألزمهم كلمة التقوى ) [ الفتح : 26 ] فدل هذا على أنه جعل الشيطان بعيدا مرجوما ، وجعلك قريبا موصولا ، ثم إنه تعالى أخبر أنه لا يجعل الشيطان الذي هو بعيد قريبا ؛ لأنه تعالى قال : ( ولن تجد لسنة الله تحويلا ) [ فاطر : 43 ] فاعرف أنه لما جعلك قريبا فإنه لا يطردك ولا يبعدك عن فضله ورحمته .