ولما خيبر صلى بها الصبح ، وركب المسلمون ، فخرج أهل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر بمساحيهم ومكاتلهم ، ولا يشعرون ، بل خرجوا لأرضهم ، فلما رأوا الجيش قالوا : محمد والله ، محمد والخميس ، ثم رجعوا هاربين إلى حصونهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيبر ، الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) الله أكبر خربت
[ ص: 284 ] ولما دنا النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف عليها قال : " قفوا " فوقف الجيش ، فقال : ( ) اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله
ولما كانت ليلة الدخول قال : ( ؟ فقالوا : يا رسول الله ، هو يشتكي عينيه . قال : فأرسلوا إليه . فأتي به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال : يا رسول الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما [ ص: 285 ] يجب عليهم من حق الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم علي بن أبي طالب ) . لأعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه . فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : أين
فخرج مرحب وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز إليه علي وهو يقول :
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
ولما دنا علي رضي الله عنه من حصونهم اطلع يهودي من رأس الحصن فقال : من أنت ؟ فقال أنا . فقال اليهودي : علوتم وما أنزل على علي بن أبي طالب موسى .
هكذا في " صحيح " أن ( مسلم رضي الله عنه هو الذي قتل علي بن أبي طالب مرحبا )
[ ص: 286 ] وقال : عن موسى بن عقبة الزهري وأبي الأسود عن عروة . عن ويونس بن بكير : حدثني ابن إسحاق أحد عبد الله بن سهل بني حارثة عن ، أن جابر بن عبد الله محمد بن مسلمة هو الذي قتله ، قال جابر في حديثه : ( مرحب اليهودي من حصن خيبر قد جمع سلاحه وهو يرتجز ويقول : من يبارز ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لهذا ؟ فقال محمد بن مسلمة : أنا له يا رسول الله ، أنا والله الموتور الثائر ، قتلوا أخي بالأمس . يعني محمود بن مسلمة ، وكان قتل بخيبر ، فقال : قم إليه ، اللهم أعنه عليه . فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة ، فجعل كل واحد منهما يلوذ بها من صاحبه ، كلما لاذ بها منه اقتطع صاحبه بسيفه ما دونه منها ، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه ، وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن ، ثم حمل على محمد فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فوقع سيفه فيها فعضت به فأمسكته ، وضربه محمد بن مسلمة فقتله ) . وكذلك قال خرج سلمة بن سلامة ومجمع بن حارثة : إن محمد بن مسلمة قتل مرحبا .
قال : وقيل : الواقدي محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ، فقال مرحب : أجهز علي يا محمد . فقال محمد : ذق الموت كما ذاقه أخي محمود . وجاوزه ، ومر به علي رضي الله عنه فضرب عنقه وأخذ سلبه ، فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سلبه ، فقال محمد بن مسلمة : يا رسول الله ، ما قطعت رجليه ثم تركته إلا ليذوق الموت ، وكنت قادرا أن أجهز عليه . فقال علي رضي الله عنه : صدق ، ضربت عنقه بعد أن قطع رجليه . فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة سيفه ورمحه ومغفره وبيضته . وكان عند آل إن محمد بن مسلمة سيفه فيه كتاب لا يدرى ما فيه حتى قرأه يهودي فإذا فيه :
هذا سيف مرحب من يذقه يعطب
[ ص: 287 ] ثم خرج [ بعد مرحب أخوه ] ياسر فبرز إليه الزبير ، فقالت صفية أمه : يا رسول الله ، يقتل ابني ؟ قال : " بل ابنك يقتله إن شاء الله " . فقتله الزبير .