وأما فهو أن يسوق الهدي ، فإذا فرغ من العمرة عاد إلى وطنه فلا يبطل تمتعه في قول الإلمام الفاسد الذي لا يمنع صحة التمتع أبي حنيفة حتى لو عاد إلى وأبي يوسف ، مكة فأحرم بالحج وحج من عامه ذلك ، كان متمتعا في قولهما .
وعند يبطل تمتعه حتى لو حج من عامه ذلك : لم يكن متمتعا . محمد
وجه قول أن المانع من صحة التمتع وهو الإلمام بالأهل قد وجد ، والعود غير مستحق عليه بدليل أنه لو بدا له من التمتع جاز له ذبح الهدي ههنا ، وإذا لم يستحق عليه العود [ ص: 171 ] صار كأن لم يسق الهدي . محمد :
ولو لم يسق الهدي يبطل تمتعه كذا هذا ، ولهما أن العود مستحق عليه ما دام على نية التمتع فيمنع صحة الإلمام ، فلا يبطل تمتعه كالقارن إذا عاد إلى أهله ثم ما ذكرنا من بطلان التمتع بالإلمام الصحيح إذا عاد إلى أهله ، فأما إذا عاد إلى غير أهله بأن خرج من الميقات ولحق بموضع لأهله القران والتمتع كالبصرة مثلا أو نحوها ، واتخذ هناك دارا أو لم يتخذ ، توطن بها أو لم يتوطن ثم عاد إلى مكة ، وحج من عامه ذلك ، فهل يكون متمتعا ؟ ذكر في الجامع الصغير أنه يكون متمتعا ، ولم يذكر الخلاف ، وذكر القاضي أيضا أنه يكون متمتعا في قولهم .
وذكر أنه يكون متمتعا في قول الطحاوي ، وهذا وما إذا أقام أبي حنيفة بمكة ولم يبرح منها سواء .
وأما في قول ، أبي يوسف فلا يكون متمتعا ، ولحوقه بموضع لأهله التمتع والقران ، ولحوقه بأهله سواء . ومحمد
وجه قولهما أنه لما جاوز الميقات ، ووصل إلى موضع لأهله التمتع والقران فقد بطل حكم السفر الأول ، وخرج من أن يكون من أهل مكة لوجود إنشاء سفر آخر ، فلا يكون متمتعا كما لو رجع إلى أهله ، أن وصوله إلى موضع لأهله القران والتمتع لا يبطل السفر الأول ، ما لم يعد إلى منزله ; لأن المسافر ما دام يتردد في سفره يعد ذلك كله منه سفرا واحدا ما لم يعد إلى منزله ، ولم يعد ههنا فكان السفر الأول قائما فصار كأنه لم يبرح من ولأبي حنيفة مكة فيكون متمتعا ، ويلزمه هدي المتعة .
ولو : لم يكن متمتعا ; لأنه لا يصير متمتعا إلا بحصول العمرة والحجة ، ولما أفسد العمرة فلم تحصل له العمرة والحجة فلا يكون متمتعا . أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم أفسدها وأتمها على الفساد وحل منها ، ثم أحرم بالحج وحج من عامه ذلك قبل أن يقضيها
ولو قضى عمرته وحج من عامه ذلك ، فهذا لا يخلو من ثلاثة أوجه : فإن مكة ، وقضى عمرته ، وأحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك فإنه يكون متمتعا بالإجماع ; لأنه لما لحق بأهله صار من أهل التمتع ، وقد أتى به فكان متمتعا ، وإذا فرغ من عمرته الفاسدة ، وحل منها لكنه لم يخرج من فرغ من عمرته الفاسدة وحل منها ورجع إلى أهله ، ثم عاد إلى الحرم أو خرج منه لكنه لم يجاوز الميقات حتى قضى عمرته ، وأحرم بالحج ، لا يكون متمتعا بالإجماع ; لأنه لما حل من عمرته الفاسدة صار كواحد من أهل مكة ، ولا تمتع لأهل مكة ويكون مسيئا وعليه لإساءته دم ، الحرم ، وجاوز الميقات حتى قضى عمرته ، ولحق بموضع لأهله التمتع والقران كالبصرة وغيرها ، ثم رجع إلى مكة ، وقضى عمرته الفاسدة ثم أحرم بحج ، وحج من عامه ذلك لم يكن متمتعا في قول وإن فرغ من عمرته الفاسدة ، وحل منها ، وخرج من ، كأنه لم يبرح من أبي حنيفة مكة ، وفي قول ، أبي يوسف يكون متمتعا كأنه لحق بأهله . ومحمد
وجه قولهما أنه لما حصل في موضع لأهله التمتع والقران صار من أهل ذلك الموضع ، وبطل حكم ذلك السفر ، ثم إذا قدم مكة كان هذا إنشاء سفر ، وقد حصل له نسكان في هذا السفر ، وهو عمرة وحجة فيكون متمتعا كما لو رجع إلى أهله ثم عاد إلى مكة ، وقضى عمرته في أشهر الحج وأحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك أنه يكون متمتعا ، كذا هذا ، بخلاف ما إذا اتخذ مكة دارا ; لأنه صار من أهل مكة ، ولا تمتع لأهل مكة ، : أن حكم السفر الأول باق ; لأن الإنسان إذا خرج من وطنه مسافرا فهو على حكم السفر ما لم يعد إلى وطنه ، وإذا كان حكم السفر الأول باقيا ، فلا عبرة بقدومه ولأبي حنيفة البصرة ، واتخاذه دارا بها ، فصار كأنه أقام بمكة لم يبرح منها حتى قضى عمرته الفاسدة ، وإذا كان كذلك لم يكن متمتعا ، ولم يلزمه الدم ; لأنه لما أفسد العمرة لزمه أن يقضيها من مكة ، وهو أن يحرم بالعمرة من ميقات أهل مكة للعمرة ، وذلك دليل إلحاقه بأهل مكة ، فصارت عمرته وحجته مكيتين لصيرورة ميقاته للحج والعمرة ميقات أهل مكة ، فلا يكون متمتعا لوجود الإلمام بمكة كما فرغ من عمرته ، وصار كالمكي إذا خرج إلى أقرب الآفاق ، وأحرم بالعمرة ثم عاد إلى مكة ، وأتى بالعمرة ثم أحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك لم يكن متمتعا ، كذا هذا بخلاف ما إذا رجع إلى وطنه ; لأنه إذا رجع إلى وطنه فقد قطع حكم السفر الأول بابتداء سفر آخر فانقطع حكم كونه بمكة ، فبعد ذلك إذا أتى مكة وقضى العمرة ، وحج فقد حصل له النسكان في سفر واحد فصار متمتعا ، هذا إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم أفسدها وأتمها على الفساد .
فأما إذا فإنه لا يكون متمتعا بالإجماع ، وحكمه كمكي تمتع ; لأنه صار كواحد من [ ص: 172 ] أهل أحرم بها قبل أشهر الحج ثم أفسدها وأتمها على الفساد ، فإن لم يخرج من الميقات حتى دخل أشهر الحج ، وقضى عمرته في أشهر الحج ثم أحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك ، مكة لما ذكرنا ، ويكون مسيئا ، وعليه لإساءته دم ، وإن عاد إلى أهله ثم عاد إلى مكة محرما بإحرام العمرة ، وقضى عمرته في أشهر الحج ثم أحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك يكون متمتعا بالإجماع لما مر .
مكة محرما بإحرام العمرة وقضى عمرته في أشهر الحج ، ثم أحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك . وإن عاد إلى غير أهله ، ولحق بموضع لأهله التمتع والقران ، ثم عاد إلى
فهذا على وجهين في قول ، في وجه يكون متمتعا ، وهو ما إذا رأى هلال شوال خارج الميقات ثم عاد إلى أبي حنيفة مكة محرما بإحرام العمرة ، وقضى عمرته في أشهر الحج ثم أحرم بالحج ، وحج من عامه ذلك ، وفي وجه لا يكون متمتعا ، وهو ما إذا رأى هلال شوال داخل الميقات .
وعند أبي يوسف يكون متمتعا في الوجهين جميعا ، لهما أن لحوقه بذلك الموضع بمنزلة لحوقه بأهله . ومحمد
ولو لحق بأهله يكون متمتعا فكذا هذا .
أن في الوجه الأول أدركته أشهر الحج ، وهو من أهل التمتع ; لأنها أدركته خارج الميقات ، وفي الوجه الثاني أدركته ، وهو ليس من أهل التمتع لكونه ممنوعا شرعا عن التمتع ، ولا يزول المنع حتى يلحق بأهله . ولأبي حنيفة
مكة بذلك الإحرام ، وأتم عمرته ثم حج من عامه ذلك فهذا على ثلاثة أوجه ، فإن كان طاف لعمرته شوطا أو شوطين أو ثلاثة أشواط ثم عاد إلى أهله وهو محرم ، ثم رجع إلى ولو اعتمر في أشهر الحج ثم عاد إلى أهله قبل أن يحل من عمرته ، وألم بأهله وهو محرم ثم عاد إلى مكة بذلك الإحرام ، وأتم عمرته ، وحج من عامه ذلك فإنه يكون متمتعا بالإجماع ، وإن اعتمر ، وحل من عمرته ثم عاد إلى أهله حلالا ، ثم عاد إلى مكة ، وحج من عامه ذلك ، لا يكون متمتعا بالإجماع ; لأن إلمامه بأهله صحيح ، وأنه يمنع التمتع ، وإن رجع إلى أهله بعد ما طاف أكثر طواف عمرته أو كله ، ولم يحل بعد ذلك ، وألم بأهله محرما ثم عاد ، وأتم بقية عمرته ، وحج من عامه ذلك ، فإنه يكون متمتعا في قول ، أبي حنيفة ، وفي قول وأبي يوسف لا يكون متمتعا ، وجه قوله : أنه أدى العمرة بسفرين ، وأكثرها حصل في السفر الأول ، وهذا يمنع التمتع ، ولهما أن إلمامه بأهله لم يصح بدليل أنه يباح له العود إلى محمد مكة بذلك الإحرام من غير أن يحتاج إلى إحرام جديد ، فصار كأنه أقام بمكة
وكذا لو فإنه يكون متمتعا في قولهما ; لأن إلمامه بأهله لم يصح ، فصار كأنه أقام اعتمر في أشهر الحج ، ومن نيته التمتع ، وساق الهدي لأجل تمتعه فلما فرغ منها عاد إلى أهله محرما ثم عاد ، وحج من عامه ذلك بمكة .
وعند لا يكون متمتعا . محمد
الكوفة فأحرم بها للعمرة ثم دخل مكة فأحرم بها للحج لم يكن متمتعا ; لأنه حصل له الإلمام بأهله بين الحجة والعمرة ، فمنع التمتع كالكوفي إذا رجع إلى أهله ، وسواء ساق الهدي أو لم يسق ، يعني إذا أحرم بالعمرة بعد ما خرج إلى ولو خرج المكي إلى الكوفة ، وساق الهدي لم يكن متمتعا ، وسوقه الهدي لا يمنع صحة إلمامه بخلاف الكوفي ; لأن الكوفي إنما يمنع سوق الهدي صحة إلمامه ; لأن العود مستحق عليه .
فأما المكي فلا يستحق عليه العود ، فصح إلمامه مع السوق كما يصح مع عدمه .
ولو الكوفة فقرن صح قرانه ; لأن القران يحصل بنفس الإحرام ، فلا يعتبر فيه الإلمام فصار بعوده إلى خرج المكي إلى مكة كالكوفي إذا قرن ثم عاد إلى الكوفة .
وذكر عن ابن سماعة أن محمد الكوفة إنما يصح إذا كان خروجه من قران المكي بعد خروجه إلى مكة قبل أشهر الحج .
فأما إذا دخلت عليه أشهر الحج ، وهو بمكة ثم خرج إلى الكوفة فقرن لم يصح قرانه ; لأنه حين دخول الأشهر عليه كان على صفة لا يصح له التمتع ، ولا القران في هذه السنة ; لأنه في أهله ، فلا يتغير ذلك بالخروج إلى الكوفة ، وفي نوادر عن ابن سماعة محمد أنه متمتع ; لأنه باق على إحرامه ، وقد أتى بأفعال العمرة والحج في أشهر الحج ، فصار كأنه ابتدأ الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ، وحج من عامه ذلك . فيمن أحرم بعمرة في رمضان ، وأقام على إحرامه إلى شوال من قابل ثم طاف لعمرته في العام القابل من شوال ثم حج في ذلك العام
ولو فعل ذلك كان متمتعا كذا هذا ، وبمثله لا يكون متمتعا ; لأنه ما أتى بأفعال العمرة لها ، بل للتحلل عن إحرام الحج ، فلم تقع هذه الأفعال معتدا بها عن العمرة فلم يكن متمتعا بخلاف الفصل الأول . من وجب عليه أن يتحلل من الحج بعمرة فأخر إلى العام القابل فتحلل بعمرة في شوال ، وحج من عامه ذلك