وأما الثالث ، وهو ما إذا فإنه يصير موليا منهما جميعا حتى لو مضت مدة أربعة أشهر ، ولم يقربهما فيها بانتا جميعا كذا ذكر المسألة في الجامع من غير خلاف ، وهكذا ذكر قال : والله لا أقرب واحدة منكما القاضي في شرحه مختصر الطحاوي .
وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي فقال على قول أبي حنيفة يكون موليا منهما استحسانا . ، وأبي يوسف
وعلى قول يكون موليا من إحداهما ، وهو القياس . محمد
وجه القياس أن قوله واحدة منكما لا يعبر به عنهما بل عن إحداهما ، فصار كقوله والله لا أقرب إحداكما والدليل عليه أنه إذا قرب إحداهما يحنث ، وتلزمه الكفارة فدل أن اليمين تناولت إحداهما لا غير ، ووجه الاستحسان - وهو الفرق بين المسألتين - أن قوله إحداكما معرفة ; لأنه مضاف إلى الكناية والكنايات معارف بل أعرف المعارف والمضاف إلى المعرفة معرفة ، والمعرفة تختص في النفي كما تختص في الإثبات وقوله : واحدة منكما نكرة ; لأنها نكرة بنفسها ، ولم يوجد ما يوجب صيرورتها معرفة ، وهو اللام أو الإضافة فبقيت نكرة ، وأنها في محل النفي فتعم ، والدليل على التفرقة بينهما أنه يستقيم إدخال كلمة الإحاطة والاشتمال - وهي كلمة كل - على واحدة منكما .
ولا يستقيم إدخالها على إحداكما حتى يصح أن يقال : والله لا أقرب كل واحدة منكما ، ولا يصح أن يقال : والله لا أقرب كل إحداكما فدل أن قوله واحدة منكما يصلح لهما وقوله : إحداكما لا يصلح لهما ، إلا أنه إذا قال والله لا أقرب واحدة منكما فقرب إحداهما يبطل إيلاؤهما جميعا ، وتلزمه الكفارة لوجود شرط الحنث ، وهو قربان واحدة منهما ، بخلاف ما إذا قال : والله لا أقربكما فقرب واحدة منهما إنه يبطل إيلاؤهما ، ولا يبطل إيلاء الباقية حتى لا تجب عليه الكفارة ; أما بطلان إيلاء التي قربها فلوجود شرط البطلان ، وهو القربان ، ولم يوجد القربان في الباقية ، فلا يبطل إيلاؤها ، وأما عدم وجوب الكفارة فلعدم شرط الوجوب ، وهو قربانهما جميعا .