قد استوى بشر على العراق
لأن الاستيلاء هو القدرة والقهر والله تعالى لم يزل قادرا قاهرا عزيزا مقتدرا وقوله : ( ثم استوى ) يقتضي استفتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن فبطل ما قالوه ، ثم قال : باب فإن قال قائل : ففصلوا لي صفات ذاته من صفات أفعاله لأعرف ذلك ؟ قيل له : هي التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها وهي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه واليدان والعينان والغضب [ ص: 301 ] والرضا ; صفات ذاته هي الخلق والرزق والعدل والإحسان والتفضل والإنعام والثواب والعقاب والحشر والنشر وكل صفة كان موجودا قبل فعله لها . ثم ساق الكلام في الصفات . وصفات فعله
وقال في جوابات للمسائل التي سأله عنها أهل بغداد في رسالته التي بين فيها اتفاق الحنابلة والأشاعرة قد عرفت انزعاجكم ، واستيجاشكم ، واهتمامكم بما أفشاه قوم من عامة المسجلين للسنة ، وأتباع السلف الصالح من الأئمة المطهرين المتخصصين بمذهب من ادعائهم مخالفة شيخنا أبي عبد الله أحمد بن حنبل أبي الحسن الأشعري لأهل السنة وأصحاب الحديث في القرآن ، وما يضيفونه إليه من أنه كان يقف في إكفار من يقول من المعتزلة والخوارج والبخارية والجهمية والمرجئة بخلق القرآن ، ولا نقطع بأنهم كفار . إلى أن قال : واعلموا أن مذهبنا ومذهب أبي الحسن الذي سطره في سائر كتبه الكبار والمختصرات هو مذهب الجماعة وسلف الأمة وما مضى عليه الصالحون من الأئمة من أن غير محدث ، ولا مخلوق ، وأنه لم يزل متكلما ، وذكر الحجة في ذلك : إلى أن قال : وكذلك قولنا في جميع المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفات الله تعالى إذا ثبتت بذلك الرواية من إثبات الوجه له ، واليدين ، والعينين اللتين نطق بهما الكتاب . قال الله تعالى : ( كلام الله صفة من صفات ذاته ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) . وقال : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) . وقال لإبليس : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ، وقال تعالى : ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) ، وقال تعالى : [ ص: 302 ] ( ولتصنع على عيني ) ، وقال تعالى : ( تجري بأعيننا ) ، فأثبت لنفسه في نص كتابه : الوجه والعينين ، واليدين . وروي في الحديث من رواية ابن عمر " ، فأثبت له العينين ، وهذا حديث غير مختلف في صحته عند العلماء بالحديث . وهو في صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال وأنه أعور . وقال : " إن ربكم ليس بأعور ، وقال : فيما روي عنه من الأخبار المشهورة : " البخاري " ; يعني أنه سبحانه لا يتعذر عليه بإحداهما ما يأتي بالأخرى كالذي يتعذر على الأيسر ما يأتي بيمينه ، ونقول أنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام والملائكة كما نطق بذلك القرآن ، وأنه عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا فيقول : وكلتا يديه يمين ، الحديث . هل من سائل فيعطى ؟ ، أو مستغفر فيغفر له ؟
وأنه جل ثناؤه مستو على عرشه كما قال تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ، وقال : ( ثم استوى على العرش ) ، وقد بينا أن ديننا ودين الأئمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت من غير تكييف ولا تحديد ، ولا تجسيم ، ولا تصوير ، بل كما جاء بها الحديث ، وكما روي عن وغيره من أئمة الحديث في وجوب إمرارها على ما جاء به الحديث من غير تكييف . وروى الثقات عن ابن شهاب الزهري مالك أن سائلا سأله عن قوله تعالى : الرحمن على العرش استوى ، فقال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة .
[ ص: 303 ] فمن تجاوز هذا المروي من الأخبار عن التابعين ومن بعدهم من السلف الصالح ، وأئمة الحديث والفقه ، وكيف شيئا من هذه الصفات المروية ومثلها بشيء من جوارحنا وآلاتنا فقد تعدى وأثم وضل وأبدع في الدين ما ليس منه . وقد روي عن ، وهو من أئمة الحديث أن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي سأله فقال : يا الأمير عبد الله بن طاهر أبا يعقوب ، ما هذا الحديث الذي تروونه : " ينزل ربنا إلى سماء الدنيا " ، كيف ينزل ؟ فقال إسحاق : أيها الأمير ، لا يقال لأمر الرب كيف .
ذكر قوله في كتاب الإبانة له : ذكر صفة الوجه واليدين والعينين وأثبتها كما ذكر في التمهيد ، ثم قال : فإن قال قائل : فهل تقولون إنه في كل مكان ؟ قيل له : معاذ الله بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه ثم ذكر الأدلة على ذلك نقلا وعقلا قريبا مما ذكر في التمهيد ، وقال في هذا الكتاب أيضا : وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفا بها هي الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والبقاء والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى .
ذكر قوله في رسالة الحيرة قال - في كلام ذكره في الصفات - وأن له وجها ويدين ، وأنه ينزل إلى سماء الدنيا ثم قال : وأنه مستو على عرشه فاستولى على خلقه ففرق بين الاستواء الخاص وبين الاستيلاء العام .