الفصل الخامس والعشرون في ذكر ما جرى من الآيات في غزواته وسراياه
وذكرناها مرتبة من غزوة بدر إلى غزوة تبوك ، مبينا موضع الدلالة ووجه الآية فيها ، وفي جميع ذلك دليل على ما قلناه من أنه صلى الله عليه وسلم لم يخل شيء من أحواله عن آية شاهدة له ، ومعجزة جارية على يديه ، خليق كون ذلك له ، إذ النبوة مختومة به ، والشريعة إلى قيام الساعة قائمة به صلى الله عليه وسلم .
ما حدث من بدر : المعجزات في غزوة
400 - حدثنا قال ثنا سليمان بن أحمد قال ثنا بكر بن سهل قال حدثني عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح علي بن أبي طلحة عن رضي الله عنهما قال : ابن عباس أقبلت عير أهل مكة من الشام فبلغ أهل المدينة ، فخرجوا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون العير ، فبلغ أهل مكة ذلك فأسرعوا السير إليها لكيلا يغلبهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان الله عز وجل وعدهم إحدى الطائفتين ، وكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم ، وأيسر [ ص: 470 ] شوكة ، وأحضر مغنما ، فلما سبقت العير وفاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم ، فكره القوم مسيرهم لشوكة القوم ، فنزل المسلمون ، وبينهم وبين الماء رملة دعصة ، فأصاب المسلمين ضعف شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم : تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين ، فأمطر الله عز وجل عليهم مطرا شديدا ، فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وانتسق الرمل حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم ، وأمد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبرئيل عليه السلام في خمسمائة من الملائكة مجنبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنبة ، قال ، فلما اختلط القوم قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال : يا رب إن تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض أبدا ، فقال له جبرئيل عليه السلام : خذ قبضة من التراب ، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها في وجوههم ، فما من المشركين أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين .