ذكر ركانة خبر
299 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي قال ثنا الحسين بن محمد بن حماد أبو [ ص: 395 ] عروبة قال ثنا محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة قال ثنا عن محمد بن سلمة أبي عبد الرحيم قال حدثني أبو عبد الملك عن القاسم عن قال : أبي أمامة كان رجل يقال له : ركانة وكان من أفتك الناس وأشدهم ، وكان مشركا وكان يرعى غنما له في واد يقال له إضم ، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم من بيت رضي الله عنها ذات يوم قبل ذلك الوادي ، فلقيه عائشة ركانة وليس مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد ، فقام إليه ركانة فقال : يا محمد أنت الذي تشتم آلهتنا ، اللات والعزى ، وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم ، لولا رحم بيني وبينك ، ما كلمتك الكلام حتى أقتلك ، ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني اليوم ، وسأعرض عليك أمرا ، هل لك إلى أن أصارعك ؟ وتدعو إلهك العزيز الحكيم أن يعينك علي ، وأنا أدعو اللات والعزى ، فإن أنت صرعتني فلك عشر من غنمي هذه تختارها ، فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، إن شئت ، فاتخذ فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة ودعا ركانة اللات والعزى أعني على محمد ، فاتخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه ، وجلس على صدره ، فقال ركانة : فلست الذي فعلت بي هذا ، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم ، وخذلني اللات والعزى ، وما وضع أحد جنبي قبلك ، فقال له ركانة : عد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها ، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم فصرعه وجلس على كبده ، فقال له ركانة : فلست الذي فعلت بي هذا ، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم ، وخذلني اللات والعزى [ ص: 396 ] وما وضع جنبي أحد قبلك ، فقال له ركانة : عد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها ، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه كمثل فعل أول مرة ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة ، فقال له ركانة : لست أنت الذي فعلت بي هذا ، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذلني اللات والعزى ، فدونك ثلاثين شاة من غنمي فاخترها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما أريد ذلك ولكن أدعوك إلى الإسلام يا ركانة ، وأنفس بك أن تصير إلى النار ، إنك إن تسلم تسلم ، فقال له ركانة : لا ، إلا أن تريني آية ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : الله عليك شهيد ، لئن أنا دعوت ربي فأريتك آية لتجيبني إلى ما أدعوك إليه ؟ قال : نعم ، وقريب منهما شجرة سمر ذات فروع وقضبان ، فأشار إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال لها : أقبلي بإذن الله ، فانشقت باثنين فأقبلت على نصف شقها وقضبانها وفروعها ، حتى كانت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ركانة ، فقال له ركانة : أريتني عظيما ، فمرها فلترجع ، فأمرها فرجعت بقضبانها وفروعها ، حتى إذا التأمت قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسلم تسلم ، فقال ركانة : ما بي إلا أن أكون قد رأيت عظيما ، ولكن أكره أن تسامع نساء المدينة وصبيانهم أني إنما أجبت لرعب دخل في قلبي منك ، ولكن قد علمت نساء المدينة وصبيانهم أنه لم يضع جنبي قط أحد ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط ليلا ولا نهارا ، ولكن دونك فاختر غنمك ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ليس لي حاجة إلى غنمك إذ أبيت أن تسلم ، فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعا ، وأقبل أبو بكر يلتمسانه في بيت وعمر رضي الله عنها فأخبرتهما أنه قد خرج توجه قبل عائشة وادي أضم وقد عرفا أنه وادي ركانة لا يكاد يخطئه ، فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله ، فجعلا يتصاعدان على كل [ ص: 397 ] شرف ، ويتشوفان له إذ نظرا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم مقبلا ، فقالا : يا نبي الله كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك ؟ وقد عرفته أنه جهة ركانة ، وأنه من أفتك الناس وأشدهم تكذيبا لك ، فضحك إليهما ، ثم قال : أليس يقول الله لي والله يعصمك من الناس إنه لم يكن يصل إلي والله معي ، وأنشأ يحدثهما عن ركانة والذي فعل به والذي أراه فعجبا من ذلك ، فقالا : يا رسول الله أصرعت ركانة ؟ فلا والذي بعثك بالحق ما وضع إنسان جنبه قط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني دعوت الله ربي فأعانني عليه ، وإن ربي أعانني ببضع عشرة وبقوة عشرة .