وأما الخطبة الثالثة ، وما ذهب إليه ، إنها في يوم النحر ، وما ذكرناه عن الشافعي فيها مثل ذلك أيضا ، فقد روى زفر ، عبد الله بن عمر وعمرو بن الأحوص ، وأبو بكرة ، وأبو عادية ، ورجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب يوم النحر في حجة الوداع فمن ذلك ما :
1370 - قد حدثنا ، قال حدثنا يزيد بن سنان قال حدثنا دحيم بن اليتيم ، ، قال حدثنا الوليد بن مسلم هشام بن الغاز الحرشي ، قال حدثنا ، عن نافع ، ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج ، فقال للناس : أي يوم هذا ؟ فقالوا : يوم النحر قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : الشهر الحرام قال : هذا يوم الحج الأكبر ، فدماؤكم ، وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم ثم قال : هل بلغت ؟ قالوا : نعم فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اشهد ، ثم ودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع .
1371 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا علي بن معبد ، قال حدثنا يونس بن محمد حسين بن عازب بن سبيب بن غرقدة أبو غرقدة ، عن سبيب بن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن عمرو بن الأحوص ، قال : فإنه موضوع كله أن لا وإن كل دم كان في الجاهلية فإنه موضوع كله ، وإن أول دم يوضع دم الحارث بن عبد المطلب ، كان مسترضعا في بني لبابة ، فقتلته والمسلم أخو المسلم ، لا يحل له من ماله إلا ما أحل له من مال نفسه أن لا واتقوا الله عز وجل في النساء ، فإنما هن عندكم عوان أخذتموهن بأمانة الله عز وجل ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل ، لكم عليهن حق ، ولهن عليكم حق ، ومن حقكم عليهن أن لا يؤذن في بيوتكم إلا بإذنكم ، ولا يوطئن فرشكم من تكرهون ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع ، واضربوهن ضربا غير مبرح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا . العباس بن عبد المطلب ،
ومن حقهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، ثم نادى : يا أمتاه ، هل بلغتكم ؟ يا أمتاه ، هل بلغتكم ؟ يا أمتاه ، هل بلغتكم ؟ ثلاثا . ثم قال : اللهم اشهد .
ثم قالت جارية من الحي لأمها : يا أمتاه ما له يدعو أمه ؟ قالت : أي بنية إنما يدعو أمته . خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فقال : أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم الحج الأكبر يا رسول الله قال : فإن دماءكم وأعراضكم حرام بينكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، أن لا لا يجني جان إلا على نفسه ، أن لا لا يجني والد على ولده ، ولا مولود على والده ، أن لا وإن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا بعد يومكم هذا ، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحقرون من أعمالكم يرضى بها عنكم فاحذروه ، فإنه عدو لكم ألا وإن كل ربا [ ص: 126 ] كان في الجاهلية فإنه موضوع ، لكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ، وإن أول ربا يوضع ربا
1372 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا علي بن معبد أبو الأشهب هودة بن خليفة البكراوي ، قال حدثنا عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : أبي بكرة ،
ثم قال : أتدرون أي شهر هذا ؟ فسكتنا حتى رينا أن سيسميه سوى اسمه ، قال : أليس ذا الحجة ؟ فقالوا : بلى فقال : أتدرون أي بلد هذا ؟ فسكتنا حتى رينا أن سيسميه سوى اسمه قال : أليس البلد ؟ فقلنا : بلى قال : إن أموالكم وأعراضكم ودماءكم بينكم في مثل يومكم هذا ، في مثل شهركم هذا ، في مثل بلدكم هذا ، أن لا ليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من مبلغ ثم مال على ناقته إلى غنيمات ، فجعل يقسمهن بين الرجلين [ ص: 127 ] الشاة ، وبين الثلاثة الشاة . لما كان ذلك اليوم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ، ثم وقف ، فقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ فسكتنا حتى رينا أن سيسميه سوى اسمه ، ثم قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلى .
1373 - ومنه ما قد حدثنا ، قال حدثنا علي بن معبد ، قال حدثنا يونس بن محمد ربيعة بن كلثوم بن جبير ، قال : حدثني أبي ، عن أبي عادية رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة فقال : يا أيها الناس ، أن لا إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى يوم تلقون ربكم عز وجل ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ فقلنا : نعم قال : اللهم اشهد ، ألا لا ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
1374 - ومنه ما قد حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني ، قال حدثنا قال حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، ، عن شعبة ، قال : سمعت عمرو بن مرة قال حدثنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : مرة الهمداني ، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة ، فقال : أتدرون أي يوم يومكم هذا ؟ قالوا : يوم النحر قال : صدقتم ، يوم الحج الأكبر ، أتدرون أي شهر شهركم هذا ؟ قالوا : ذو الحجة قال : صدقتم ، شهر الله الأصم ، أتدرون أي بلد بلدكم هذا ؟ قالوا : المشعر الحرام قال : صدقتم ، فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، أو كحرمة يومكم هذا وشهركم هذا ، أن لا إني فرطكم على الحوض ، وإني مكاثر بكم الأمم والناس ، فلا تسودوا بوجهي ، أن لا وقد رأيتموني ، وسمعتم مني ، وستسألون عني ، فمن كذب على فليتبوأ مقعده من النار ، ألا وإني مستنقذ رجالا ونساء ، ومستنقذ مني آخرون ، فأقول : أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك .
وكانت هذه الآثار مما احتج بها الذين ذهبوا إلى أن فكان من الحجة عليهم للآخرين الذين ذهبوا إلى أن لا خطبة في يوم النحر للحج ، إن هذه الخطبة التي كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم النحر لم تكن في أسباب الحج ، لأنه صلى الله عليه وسلم إنما ذكر فيها الأمور لا يصلح لأحد بعده ذكر بعضها ، لأن الذين يأمرون أمير الحاج أن يخطب بالحاج في يوم النحر يأمرونه أن يخطب بهم في سبب من أسباب حجهم ، في تعليمهم رمى جمارهم ، وفي التعجيل لمن أراده ، وفي المقام لمن أراده ، وفي نحر النسك والدماء ، لا فيما سوى ذلك . أمير الحاج يخطب بالحاج يوم [ ص: 128 ] النحر ،
فلما وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخطب الناس بذلك في يوم النحر في حجته ، ولكنه خطبهم بغيره ، عقلنا بذلك أن خطبته تلك لم تكن للحج ، وأنها كانت لما سواه وفي تركه صلى الله عليه وسلم الخطبة يومئذ بأسباب الحج دليل أن لا خطبة للحج في يوم النحر كما يقول ، ومالك بن أبو حنيفة ، أنس ، وأبو يوسف مما قد حكيناه عنهم في ذلك . ومحمد بن الحسن