[ ص: 95 ] الأصل الثاني
في حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه وما يتعلق به من المسائل
ويشتمل على مقدمة وستة فصول .
أما المقدمة ، ففي بيان وأقسامه . حقيقة الحكم الشرعي
أما حقيقته ، فقد قال بعض الأصوليين : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين .
وقيل : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد وهما فاسدان ; لأن قوله تعالى : ( والله خلقكم وما تعملون ) ، وقوله تعالى : ( خالق كل شيء ) خطاب الشارع ، وله تعلق بأفعال المكلفين والعباد ، وليس حكما شرعيا بالاتفاق .
[1] وقال آخرون : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ، وهو غير جامع ، فإن العلم بكون أنواع الأدلة حججا ، وكذلك الحكم بالملك والعصمة ونحوه أحكام شرعية ، وليست على ما قيل .
[2] والواجب أن نعرف معنى الخطاب أولا ضرورة توقف معرفة الحكم الشرعي عليه فنقول :
قد قيل فيه : " هو الكلام الذي يفهم المستمع منه شيئا " وهو غير مانع ، فإنه يدخل فيه الكلام الذي لم يقصد المتكلم به إفهام المستمع ، فإنه على ما ذكر من الحد وليس خطابا .
والحق أنه " اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهيئ لفهمه " .
( فاللفظ ) احتراز عما وقعت المواضعة عليه من الحركات والإشارات المفهمة .
و ( المتواضع عليه ) احتراز عن الألفاظ المهملة .
و ( المقصود بها الإفهام ) احتراز عما ورد على الحد الأول .
[ ص: 96 ] وقولنا : ( لمن هو متهيئ لفهمه ) احتراز عن الكلام لمن لا يفهم كالنائم والمغمى عليه ونحوه .
وإذا عرف معنى الخطاب فالأقرب أن يقال في حد الحكم الشرعي أنه " خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية " .
فقولنا : ( خطاب الشارع ) احتراز عن غيره ، والقيد الثاني احتراز عن خطابه بما لا يفيد فائدة شرعية ، كالإخبار عن المعقولات والمحسوسات ونحوها ، وهو مطرد منعكس لا غبار عليه .
وإذا عرف معنى الحكم الشرعي فهو إما أن يكون متعلقا بخطاب [3] الطلب والاقتضاء أو لا يكون .
فإن كان الأول فالطلب إما للفعل أو للترك وكل واحد منهما إما جازم أو غير جازم .
فما تعلق بالطلب الجازم للفعل فهو الوجوب ، وما تعلق بالطلب الجازم للترك فهو الحرمة ، وما تعلق بغير الجازم فهو الكراهة .
وإن لم يكن متعلقا بخطاب [4] الاقتضاء ، فإما أن يكون متعلقا بخطاب [5] التخيير أو غيره .
فإن كان الأول فهو الإباحة .
وإن كان الثاني ، فهو الحكم الوضعي كالصحة والبطلان ونصب الشيء سببا أو مانعا أو شرطا ، وكون الفعل عبادة وقضاء وأداء وعزيمة ورخصة إلى غير ذلك .
فلنرسم في كل قسم منها فصلا ، وهي ستة فصول :