[ ص: 98 ] المسألة السابعة
اختلفوا في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " " وفي قول القائل : العالم زيد وصديقي زيد ، الأعمال بالنيات ، وعلى حصر العالم والصديق في زيد . هل يدل على حصر الأعمال فيما كان منويا
فذهبت الحنفية والقاضي أبو بكر وجماعة من المتكلمين إلى أنه لا يدل على الحصر ، وذهب الغزالي والهراسي وجماعة من الفقهاء إلى أنه يدل على الحصر .
والمختار أنه لا يدل لما سبق في المسائل المتقدمة .
فإن قيل : لو لم يكن ذلك دالا على حصر الأعمال في المنوي ، والعالم والصديق في زيد ، لكان المبتدأ أعم من خبره ، وكان ذلك كذبا كما لو قال : " الحيوان إنسان والإنسان زيد " .
قلنا : إنما يلزم الكذب أن لو كانت ( الألف واللام ) في الأعمال للعموم فإنها تنزل منزلة قوله : " كل عمل منوي " وهو كاذب كما في قوله : " كل حيوان إنسان " وليس كذلك ! بل هي ظاهرة في البعض فكأنه قال : " بعض الأعمال بالنيات " وذلك صادق غير كاذب .
وكذلك الحكم في قوله : " العالم زيد " وكذلك قوله : " صديقي زيد " ليس عاما في كل صديق بل كأنه قال : " بعض أصدقائي زيد " حتى إنه لو ثبت أن ( الألف واللام ) إذا دخلت على اسم الجنس تكون عامة ، وكان المتكلم مريدا للتعميم فإنه يكون كاذبا بتقدير ظهور عالم آخر وصديق آخر له ، وكان قوله دالا على الحصر لا محالة .
[1] وربما قيل في إبطال القول بالحصر : إنه لو كان قوله : " العالم زيد وصديقي زيد " يدل على حصر العالم والصديق في زيد لكان إذا قال : " العالم زيد وعمرو ، وصديقي زيد وعمرو " متناقضا ، وليس كذلك باتفاق أهل اللغة ، وليس بحق فإن للخصم أن يقول إنما يكون ذلك مناقضا بشرط أن يتجرد قوله الأول عما يغيره .
[ ص: 99 ] وأما إذ عطف عليه قوله " وعمرو " صار الكل كالجملة الواحدة ، وكان قوله العالم زيد مع الانفراد مغايرا في دلالته لقوله " العالم زيد وعمرو " وهذا كما لو قال له : " علي عشرة " ثم بعد حين قال " إلا خمسة " فإنه لا يقبل لما فيه من مناقضة لفظه الأول ولو قال " له علي عشرة إلا خمسة " على الاتصال كان مقبولا لعدم تناقضه ، ولولا اختلاف الدلالة لما اختلف الحال بل كان الواجب أن لا يقبل استثناؤه في الصورتين أو يقبل فيهما ، وهو محال .