[ ص: 97 ] المسألة الثالثة
إذا ، وأوجب علينا كذا وحرم علينا كذا ، أو أبيح لنا كذا ، فمذهب قال الصحابي : أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا وأكثر الأئمة أنه يجب إضافة ذلك إلى النبي عليه السلام . الشافعي
وذهب جماعة من الأصوليين والكرخي من أصحاب أبي حنيفة إلى المنع من ذلك ، مصيرا منهم إلى أن ذلك متردد بين كونه مضافا إلى النبي عليه السلام ، وبين كونه مضافا إلى أمر الكتاب أو الأمة ، أو بعض الأئمة ، وبين أن يكون قد قال ذلك عن الاستنباط والقياس ، وأضافه إلى صاحب الشرع بناء على أن موجب القياس مأمور باتباعه من الشارع .
وإذا احتمل واحتمل ، لا يكون مضافا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بل ولا يكون حجة .
والظاهر مذهب ، وذلك لأن من كان مقدما على جماعة وهم بصدد امتثال أوامره ونواهيه ، فإذا قال الواحد منهم : أمرنا بكذا ، ونهينا عن كذا ، فالظاهر أنه يريد أمر ذلك المقدم ونهيه ، والصحابة بالنسبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا النحو . الشافعي
فإذا قال الصحابي منهم : أمرنا أو نهينا كان الظاهر منه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهيه ، ولا يمكن حمله على أمر الكتاب ونهيه ; لأنه لو كان كذلك لكان ظاهرا للكل ، فلا يختص بمعرفته الواحد منهم ، ولا على أمر الأمة ونهيها ; لأن قول الصحابي أمرنا ونهينا قول الأمة ، وهم لا يأمرون وينهون أنفسهم ، ولا على أمر الواحد من الصحابة ، إذ ليس أمر البعض للبعض أولى من العكس .
كيف وإن الظاهر من الصحابي أنه إنما يقصد بذلك تعريف الشرع ، وذلك لا يكون ثابتا بأمر الواحد من الصحابة ونهيه ، ولا أن يكون ذلك بناء على ما قيل من القياس والاستنباط لوجهين :
الأول : أن قول الصحابي أمرنا ونهينا خطاب مع الجماعة ، وما ظهر لبعض المجتهدين من القياس وإن كان مأمورا باتباع حكمه ، فذلك غير موجب للأمر باتباع من لم يظهر له ذلك القياس .
الثاني : أن قوله أمرنا ونهينا بكذا عن كذا إنما يفهم منه مطلق الأمر والنهي ، لا الأمر باتباع حكم القياس .