[ ص: 96 ] المسألة الثانية
إذا اختلفوا في كونه حجة . قال الصحابي ( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بكذا أو ينهى عن كذا )
فذهب قوم إلى أنه ليس بحجة ؛ لأن الاحتجاج إنما هو بلفظ النبي - صلى الله عليه وسلم ، وقول الصحابي " سمعته يأمر وينهى " لا يدل على وجود الأمر والنهي من النبي صلى الله عليه وسلم ، لاختلاف الناس في صيغ الأمر والنهي ، فلعله سمع صيغة اعتقد أنها أمر أو نهي ، وليست كذلك عند غيره .
ويحتمل أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بشيء ، أو ينهى عن شيء ، وهو ممن يعتقد أن الأمر بالشيء نهي عن جميع أضداده ، وأن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده ، فنقل الأمر والنهي ، وليس بأمر ولا نهي عند غيره .
والذي عليه اعتماد الأكثرين ، أنه حجة وهو الأظهر ، وذلك لأن الظاهر من حال الصحابي مع عدالته ومعرفته بأوضاع اللغة أن يكون عارفا بمواقع الخلاف والوفاق ، وعند ذلك ، فالظاهر من حاله أنه لا ينقل إلا ما تحقق أنه أمر أو نهي من غير خلاف ، نفيا للتدليس والتلبيس عنه بنقل ما يوجب على سامعه اعتقاد الأمر والنهي فيما لا يعتقده أمرا ولا نهيا .