باب البول يصيب الأرض.
291 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم.
ح: وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا نا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: أبي هريرة، [ ص: 80 ] . دخل أعرابي المسجد، فقال: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد تحجرت واسعا"، قال: فما لبث أن بال في ناحية المسجد، فكأنهم عجلوا عليه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء، فأهريق عليه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "علموا ويسروا ولا تعسروا".
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه من رواية محمد عن عبيد الله بن عبد الله، وأخرجه أبي هريرة، من رواية مسلم أنس بن مالك.
وقوله: "تحجرت واسعا"، يريد: ضيقت رحمة الله التي وسعت كل شيء، وأصل الحجر: المنع، وقوله: ( وحرث حجر ) أي: محرم ممنوع.
والذنوب: الدلو ملأى ماء، وقوله سبحانه وتعالى: ( ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم ) ، أي: نصيبا من العذاب.
والسجل: الدلو الكبير. [ ص: 81 ] .
ويروى أنه صلى الله عليه وسلم، قال: "لا تزرموه"، أي: لا تقطعوا عليه بوله، والإزرام: القطع.
قال الإمام: فيه دليل على أن الأرض إذا أصابها بول أو نجاسة مائعة كالخمر ونحوها، فصب عليه الماء حتى غلبها، يحكم بطهارتها، وإن لم تحفر، ولم ينقل التراب، وهو قول كثير من أهل العلم، وإليه ذهب الشافعي.
وذهب قوم إلى أنه لا تطهر حتى ينقل التراب، لأنه يروى في الحديث: "خذوا مما بال عليه من التراب، وألقوة، وأهريقوا على مكانه ماء".
وذلك ضعيف، لأنه يروى مرسلا. [ ص: 82 ] .
وفيه دليل على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة لا تطهر بالجفاف، ولا بشروق الشمس عليها إلا بالماء، وهو قول أكثر أهل العلم.
وقال تطهر بالجفاف. أبو قلابة:
وقال قوم: إذا شرقت عليها الشمس حتى ذهب أثر النجاسة تطهر، وهو قول أصحاب الرأي، واحتجوا بما.