كتاب المكاتب
قال الله عز وجل : ( والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) .
ذكر اختلاف أهل العلم في الكتابة هل تجب فرضا أم هو ندب
اختلف أهل العلم في وجوب الكتابة إذا علم في المملوك خير ، وسأل ذلك ، فأوجبت طائفة ذلك ، كان عطاء يقول : ما أراه إلا واجبا . وقالها ، وروينا عن عمرو بن دينار أنه قال : عزمة . الضحاك بن مزاحم
8705 - حدثنا ، عن إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، قال : سأل قتادة سيرين أبو محمد الكتابة فأبى ، فرفع عليه أنس بن مالك الدرة وتلا : ( عمر بن الخطاب فكاتبوهم ) فكاتبه أنس . [ ص: 462 ]
وقالت طائفة : ليست الكتابة واجبة ، من شاء كاتب ومن شاء لم يكاتب روي هذا القول عن ، الشعبي ، وبه قال والحسن البصري ، مالك ، وسفيان الثوري . والشافعي
وفيه قول ثالث : قاله قال : لا يسع الرجل أن لا يكاتبه ، وذلك إذا اجتمع فيه الأمانة والخير من غير أن [يجبر] الحكام على ذلك ، وأخشى عليه الإثم إن لم يفعل . إسحاق بن راهويه
قال : ولعل من حجة من رأى أن الكتابة غير واجبة ، أن يقول لك : احتمل أن يكون الأمر به ندبا وإرشادا ، واحتمل أن يكون فرضا ، لم يجز أن يفرض على الناس فرضا يلزمه يحتمل معنيين ، وعلى أن ما يجب أن يكاتب عليه العبد ليس بمعلوم يوقف عليه ، وإذا كان كذلك فغير جائز أن يلزم السيد مكاتبة عبده . ومن حجة من أوجب الكتابة أن يقول : إن الله إذا أمر بشيء فأمره لازم واجب ، وليس لأحد أن يسقط فرضا ألزمه الله الخلق في كتابه إلا بحجة من سنة أو إجماع ، وليس مع من أسقط ذلك عن السيد إذا جمع العبد القوة على الاكتساب والأمانة حجة ، وأحق الناس بهذا القول من قال بالأمر على الفرض حتى تدل سنة أو إجماع أنه على غير الفرض ، وليس يجوز إلا هذا القول ، أو يقول قائل : إن الأمور كلها على الندب حتى يدل دليل أنه على الفرض ، وإذا سقط أن يكون هذا قولا يجب أن يقال به ثبت القول الأول . أبو بكر
فأما ما اعتل به من زعم أن ما يكاتب عليه السيد لما لم يكن معلوما [ ص: 463 ] سقط أن يكون فرضا ، فقائل هذا القول يلزم الزوج المطلق المتعة إذا لم يكن دخل بها ولم يسم لهذا صداقا ، وإن كانت المتعة غير معلومة ، فما أنكرت أن يكون [ذلك إلى الحاكم يجتهد فيه رأيه ، كما يجتهد في المتعة رأيه بل] الوصول إلى معرفة قيمة العبد أقرب من الوصول إلى قدر ما يمتع به من تجب عليه المتعة ، فأما قوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، وقوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) فبعيد البتة من الأمر بالكتابة ، وذلك أن الله نهى عن الصيد في حال الإحرام ، وعن البيع إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ، ثم أباح ما كان [من حظر] [بقوله : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) ، و] بقوله : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) ، ولم يتقدم الأمر بالكتابة نهيا عن معنى فيكون الأمر بعد النهي إباحة مما كان حظر ، والله أعلم .