ذكر النفقة على العبد الآبق
واختلفوا فيما ينفقه الذي وجد العبد الآبق عليه . فقالت طائفة : هو متطوع ولا نفقة له هذا قول الشافعي والحسن بن صالح ، وأصحاب الرأي ، وبه نقول ، وذلك أنه متطوع بما فعل وليس يلزم السيد ذلك إذا لم يكن أمره به . وقال مالك في الذي يجد الآبق : ما أرى له إلا ما أنفق عليه من ركوب أو غيره . [ ص: 455 ]
قال : أبو بكر ، فقال أصحاب الرأي : إذا باع في حال إباقه أو اشترى لم يجز . وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ، فأبق وباع في إباقه واشترى
وفيه قول ثان : وهو أن بيعه وشراءه جائز ، لأن الإذن الذي أذن له مولاه غير زائل عنه بإباقه حتى يرجع عن ذلك السيد .
قال : هذا أصح . أبو بكر
قال : أبو بكر في قول وإذا أخذ الرجل عبدا آبقا فأراد بيعه وجب منعه من ذلك ، فإن باعه بغير قضاء قاض فالبيع باطل الشافعي والكوفي . وإن باعه بأمر قاض فالبيع جائز في قولهم (جميعا) .
وكان يقول في الأمراء يحبسون الأباق على ساداتهم ، قال : يؤمر ببيعه وإيقاف ثمنه إذا طال حبسه ، فإن جاء صاحبه خيره إن كان الغلام قائما بعينه بينه وبين ثمنه ، فإن كان الغلام قد هلك أعطاه ثمنه . وقال الأوزاعي : أما الرقيق الذين يأبقون ويؤخذون فإنهم يحبسون ، فإن لم يأت لهم طالب بيعوا ، فإن جاء لهم طالب بعد أن يباعوا لم يكن لهم إلا الثمن الذي بيعوا به ، لأن من اشتراهم قد كان ضامنا لما اشتراه منهم ، قال : مالك ، ولا يجوز لأحد أن يبيع ضالة غير الإمام يونس عن وهب عنه . وقال أصحاب الرأي : باعه الإمام ، وأمسك الثمن حتى يجيء له طالب ، فإذا جاء له طالب فأقام البينة دفع الثمن إليه ، فإن لم يأت الطالب ولم يبعه الإمام أشهرا وأياما ، فإن [ ص: 456 ] الإمام ينفق عليه من بيت المال فإذا جاء [صاحبه] ضمنه النفقة ، فإن باعه أخذ تلك النفقة من الثمن ، وإن باعه الإمام ثم جاء صاحب العبد فأقام البينة أنه عبده ، لم يرد الإمام البيع ولكنه يعطيه الثمن ، لأن بيع الإمام عليه جائز . إذا أتي السلطان بالعبد الآبق فسجنه ، فلم يجئ للعبد طالب ، فطال ذلك
قال : أبو بكر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن وليس للسيد أن يبيع العبد في حال إباقه وهذا قول بيع الغرر مالك والكوفي ، وقد روينا عن والشافعي أنه كان لا يرى [ببيعه] بأسا إذا كان علمهما فيه واحدا ، وقد ثبت عن ابن سيرين اشترى من بعض ولده بعيرا شارقا . ابن عمر
قال : أبو بكر حيث كان ولا سبيل للمولى عليه ، ولا أعلمهم يختلفون في هذا . وإذا أعتق الرجل عبده الآبق وقع عليه العتق
وإذا فالهبة باطل ، في قول وهب الرجل عبده الآبق وقبله الموهوب له وأصحاب الرأي ، وذلك أن الهبة لا تتم عندهم إلا بالقبض . الشافعي
وقال آخر : هذا جائز إذا قبله ، هذا قول ، وقال أبي ثور ابن الحسن في : لا تجوز هبته ، لأنه لم يقبضه ثم نقض ما قال فقال : فإن وهبه لابن له صغير وأشهد على ذلك فهو جائز . [ ص: 457 ] العبد الآبق يوهب
قال : أبو بكر ، وجب عليه دفعه ، وليس للإمام أن يستحلفه ما باع ولا وهب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : البينة على المدعي وقد أقام هذا البينة على ما ادعاه فلا يجب استحلافه عليه . وإذا أتى رجل إلى الإمام بعبد آبق فحبسه فأقام رجل البينة أنه له
وقال أصحاب الرأي : يستحلف بالله ما بعته ولا وهبته ويدفعه إليه وقالوا : يأخذ منه كفيلا أحب إلينا على ذلك .
قال : لا يجوز أن يؤخذ [منه] كفيلا إذ لا حجة في إيجاب ذلك ، فإن لم تكن بينة وأقر العبد للمدعي وجب دفعه إليه . أبو بكر
وكذلك قال الكوفي .
قال : وإذا جنى العبد الآبق ، أو جني عليه ، أو قذف أو زنى ، أو سرق ، أو شرب الخمر ، أو فعل فعلا يجب به عليه حكم ، فحكمه [في جميع ما] ذكرناه فيما يجب عليه وله كحكم سائر العبيد لا فرق بينهم في ذلك ، وهذا كله على مذهب أبو بكر الشافعي والكوفي إلا ما (ذكرنا) عنهم فيما مضى من الاختلاف ، وإذا كاتب الرجل عبدا له ثم أبق العبد المكاتب لم تنتقض كتابته ، وهذا على (مذهب) [ ص: 458 ] الشافعي والكوفي ، وزعم أصحاب الرأي أنه إن كان مأذونا له في التجارة فأبق أن ذلك يبطل الإذن ، ويكون بمنزلة المحجور عليه .
قال : وليس بين المكاتب والمأذون له في التجارة فرق ، ولا حجة مع من أبطل عنه ما جعل إليه السيد . أبو بكر
قال : ويجزئ عتق العبد الآبق عن الظهار إذا علم بحياته ومكانه ، وكذلك قال أصحاب الرأي ، أبو بكر فالنكاح باطل ولا يجوز بإجازة السيد ذلك . وقال وإذا أبق العبد فنكح في حال إباقه بغير إذن سيده ابن الحسن : إذا أجاز المولى جاز . [ ص: 459 ]
[ ص: 460 ] [ ص: 461 ] بسم الله الرحمن الرحيم