ذكر اختلافهم في قبول شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر
اختلف أهل العلم في معنى قوله : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ) فقالت طائفة في قوله : ( أو آخران من غيركم ) من أهل الكتاب .
6742 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد قال : حدثنا عبد الرحمن ، عن [ ص: 319 ] سفيان ، عن ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، أن الشعبي أبا موسى أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية .
وممن قال في قوله : ( أو آخران من غيركم ) إنه من غير أهل الملة : ، عبيدة السلماني ، ومحمد بن سيرين ومجاهد ، وقال ، سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير في قوله : ( والشعبي أو آخران من غيركم ) قال : من أهل الكتاب . وكان يقول : من غير قبيلتكم . وقال الحسن البصري عكرمة : من غير حيكم ، واختلفوا في قبول في حال الضرورة فأجازت طائفة ذلك ، وممن أجاز ذلك : شهادة أهل الكتاب على مسلم في الوصية في السفر شريح ، ، وبه قال وإبراهيم النخعي ، الأوزاعي ويحيى بن حمزة . وقال الميموني : سألت أبا عبد الله شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض قال لي : أرجح إلي أنهم ليسوا بعدول . قلت : قد أمر الله بشهادتهم ، قال لي : في ذلك الموضع للضرورة . وقد احتج بعض من يقول هذا القول مع ظاهر الآية بحديث : ابن عباس
6743 - حدثنا ، محمد بن إسماعيل الصائغ وعبد الله بن أحمد قالا : حدثنا قال : حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي ، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن قال : ابن عباس بني سهم مع ، تميم الداري وعدي بن بداء ، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم ، فلما قدما بتركته فقدوا جاما [من فضة] مخوصا بذهب فأحلفهما رسول [ ص: 320 ] الله صلى الله عليه وسلم ثم وجدوا الجام بمكة ، فقالوا : اشتريناه من تميم وعدي ، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا : لشهادتنا أحق من شهادتهما ، وأن الجام لصاحبهم . قال : وفيهم نزلت هذه الآية خرج رجل من .
واحتج بأخبار سوى هذا الخبر قد أثبتها في كتاب التفسير ، وقال : القائل بخلاف هذا القول تاركا للقول بظاهر الكتاب ، وبظاهر الأخبار ، ومخالف معنى اللغة ، وذلك أن العرب إنما تكني عن المذكور في أول الكلام ، وليس للقبيلة ذكر في أول الكلام حتى تكون الكناية الثانية من قوله : ( من غيركم ) عائدة إلى غير القبيلة ، ألم تسمع إلى قول الله : ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) ووقع الذكر بهم باسم الإيمان الجامع لهم ثم قال : ( أو آخران من غيركم ) فكانت الكناية في غيرهم إنما هي دالة على غير المنادين ، ولا يجوز في اللغة غير ذلك ، وغير جائز العدول عن القول بظاهر الكتاب لتوهم متوهم ، أو حكاية عن مغفل ، وقال غير هذا القائل : فأما دعوى من ادعى أنها منسوخة فقد جاءت الأخبار عن الأوائل بخلاف هذا القول .
6744 - حدثنا علي ، عن أبي عبيد قال : حدثنا ، عن عبد الله بن صالح معاوية بن صالح ، عن ، عن أبي الزاهرية قال : حججت [ ص: 321 ] فدخلت على جبير بن نفير فقالت لي : يا عائشة جبير . هل تقرأ المائدة؟ قلت : نعم . قالت : أما إنها من آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه ، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه
قال : وقال أبو بكر : في المائدة ثمان عشرة فريضة ليست في غيرها من القرآن ، وهي آخر ما نزل ، وليس فيها منسوخ . وقال عمرو بن شرحبيل ابن عون : سئل أو سألت الحسن أنسخ من المائدة شيء؟ قال : لا . قال : ولو لم تكن هذه الأخبار موجودة ، لم يجز أن يوجب نسخ آية بآية أخرى توجب حكما غير حكم الآية الأخرى ، ولوجب أن يستعمل كل آية في موضعها وفيما نزل فيها .