جماع أبواب من يجب قبول شهادته ومن لا يجب قبول شهادته
قال الله - جل ذكره - : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما ) ، وقال - جل ثناؤه - : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ) .
أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن شهادة الرجل المسلم البالغ العاقل الحر الناطق ، المعروف النسب ، البصير ، الذي ليس بوالد المشهود له ، ولا ولد ، ولا أخ ، ولا زوج ، ولا أجير ، ولا صديق ، ولا خصم ، ولا عدو ، ولا وكيل ، ولا شريك ، ولا جار بشهادته إلى نفسه ، وبعد أن لا يكون صاحب بدعة ، ولا شاعر يعرف بأذى الناس ، ولا شارب الخمر ، ولا لاعب الشطرنج يشتغل به عن الصلاة حتى يخرج وقتها ، ولا قاذف للمسلمين ، ولم يظهر منه ذنب هو مقيم عليه صغير ولا كبير ، وهو ممن يؤدي الفرائض ، ويجتنب المحارم : جائزة يجب على الحاكم قبولها ، إذا كانا رجلين ، أو رجلا وامرأتين ، إذا كان ما شهدا عليه مالا معلوما يجب أداؤه وادعاه المدعي .
ذكر اختلافهم في شهادة الوالد لولده والولد لوالده
واختلفوا في الشاهد إذا كان بالصفة التي ذكرناها غير أنه والد للمشهود له أو ولد ، فأبطلت طائفة شهادة بعضهم لبعض ، وممن أبطل [ ص: 259 ] ذلك وقال لا يجوز : إبراهيم النخعي، والحسن البصري ، وعامر الشعبي ، وشريح، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو عبيد ، والنعمان .
وقالت طائفة بظاهر قوله : ( ممن ترضون من الشهداء ) قالت : فقبول شهادة كل مسلم جائزة على ظاهر الآية إذا كان رضا ، وغير جائز أن يكون الشاهد في حالة واحدة ثقة وغير ثقة ، مقبول الشهادة مردودها . قالت : والقائل بخلاف هذا القول قائل بخلاف ظاهر الآية إلى غير حجة يفزع إليها يستثني برأيه من ظاهر الكتاب بعد إعطائه من نفسه ، أن الخروج عن ظاهر الكتاب وعمومه غير جائز إلا بحجة من سنة أو إجماع ، هذا قول جماعة من أهل النظر ممن يوجب القول بالظاهر ، ويرى أن الخروج عن ظاهر الكتاب غير جائز إلى آراء الرجال بغير حجة يفزع إليها قائلها .
6697 - حدثنا قال : حدثنا علي بن عبد العزيز، أبو عبيد، حدثنا حجاج ، عن قال : أخبرني ابن جريج ، أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن عن أبي الزناد ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، أنه قال : تجوز عمر بن الخطاب . [ ص: 260 ] شهادة الوالد لولده ، والولد لوالده
وقد روينا عن أنه قال : تجوز شهادة الوالد لولده ، والولد لوالده وبه قال عمر بن عبد العزيز إسحاق بن راهويه ، وأبو ثور، والمزني .
وقد روينا عن شريح أنه أجاز فقال له رجل : إن هذا زوج وأب . فقال : أتجرح شهادتهما بشيء ؟ شهادة كل مسلم جائزة . وأجاز شهادة زوج وأب في الحي . شهادة رجل لابنه . إياس بن معاوية
وسئل عن شهادة الوالد لولده فقال : قد كان فيما مضى من السنة وسلف المسلمين يتأولون في ذلك قول الله - جل ذكره : ( الزهري يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) فلم يكن (في) سلف المسلمين والد لولده ، ولا ولد لوالده ، ولا أخ لأخيه ، ولا المرأة لزوجها ، ولا الزوج لامرأته ، إذا رضي هديهم قال : ثم دخل الناس بعد ذلك فرضيت شهادتهم .
قال وبهذا نقول اتباعا لظاهر الكتاب ، ولإيجاب الله [ ص: 261 ] القيام بحقه في عباده فيما فرض لبعضهم على بعض ، ولقوله : ( أبو بكر : وأقيموا الشهادة لله ) فكل مسلم قبله شهادته فعليه القيام بها ، وعلى الإمام قبولها على ظاهر كتاب الله إلا أن تدل حجة على الوقف عن قبول شهادة من الشهادات فيوقف عن قبول ما تقوم الحجة عليه من ذلك .
وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ، فالبينة العادلة يجب قبولها والحكم بها ، ولا يجوز لمسلم أن يظن بأخيه المسلم ظنا لا دلالة معه ؛ لأن ذلك منهي عنه ، ولا يخالف أحد ما أمر به الرسول ، ثم يجعل ما ارتكب مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أصلا تبنى عليه المسائل . ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : "البينة على المدعي " "إياكم والظن فإنه أكذب الحديث " .
6698 - حدثنا قال : حدثنا علي بن الحسن عبد الله بن الوليد ، عن سفيان، عن ابن ذكوان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " أبي هريرة . عن
وقالت طائفة : لا تجوز وتجوز شهادة الابن لأبيه ، هكذا قال شهادة الأب لابنه ، الرواية الثابتة عنه . الشعبي
وفيه قول رابع : وهو إبطال شهادة الوالد لولده ، وقبول شهادة الولد لوالده ، هذا قول الرواية الثابتة عنه . الحسن البصري
قال ولا تجوز أبو بكر : ولا شهادة [ ص: 262 ] الرجل لجده في قول شهادة الجد لولد ولده ، الشافعي والكوفي وابن القاسم صاحب وشهادتهم في قول الآخرين جائزة . مالك