ذكر اختلافهم في قبول إذا تاب شهادة القاذف المحدود
واختلفوا في قبول شهادة القاذف إذا حد ثم تاب وأصلح ، فقالت طائفة : لا تقبل شهادته .
6727 - حدثنا ، عن علي بن عبد العزيز أبي عبيد ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن ، عن عطاء الخراساني في قول الله - جل ذكره ( ابن عباس والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) قال : ثم استثنى فقال : ( إلا الذين تابوا ) قال : فتاب عليهم من الفسق ، فأما الشهادة فلا تجوز .
وممن قال إن شهادة القاذف لا تجوز وإن تاب : شريح ، ، والحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير . وقال والثوري أصحاب الرأي : شهادة القاذف المحدود فيه لا تجوز أبدا وإن تاب، توبته فيما بينه وبين ربه ، وأما المحدود في الزنا ، والمحدود في السرقة ، [ ص: 302 ] والمحدود في الخمر ، والمحدود في السكر ، إذا تابوا قبلت شهادته .
وقالت طائفة : تقبل شهادة القاذف المحدود إذا تاب ، روينا هذا القول عن رواية ثانية ، وليس يصح عندي شيء من الروايتين . ابن عباس
6728 - حدثنا علان بن المغيرة ، قال : حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن صالح معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن قوله ( ابن عباس ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ) ثم قال : ( إلا الذين تابوا ) قال : فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل .
وممن قال : تقبل شهادته إذا تاب ، عطاء بن أبي رباح ، والشعبي ، وطاوس ومجاهد ، ، والزهري وعبد الله بن عتبة ، ، وحبيب بن أبي ثابت وأبو الزناد .
واختلف فيه عن : سعيد بن المسيب
6729 - فروى ، (عن حماد بن سلمة ، عنه أنه قال : لا تقبل شهادته . [ ص: 303 ] قتادة
6730 - وروى ، عن معمر ، عنه أنه قال : تقبل شهادته إذا تاب . وممن قال تقبل شهادته إذا تاب : قتادة ، مالك بن أنس ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبو ثور وأبو عبيد ، واحتج في قبول الشافعي أن الله أمر بضربه ، وأمر أن لا تقبل شهادته ، وأسماه فاسقا ، ثم استثنى إلا أن يتوب ، والثنيا في سياق الكلام على أول الكلام وآخره في جميع ما يذهب إليه أهل الفقه إلا أن يفرق بين ذلك خبر ، وليس عند من يزعم أنه لا تقبل شهادته ، وأن الثنيا له إنما هي على طرح اسم الفسق عنه إلا عن شهادة القاذف شريح ، وهم يخالفون شريحا لرأي أنفسهم ، وإذا كنت تقبل شهادة الزاني ، و[القاتل] ، والمحدود في الخمر إذا تاب ، وشهادة الزنديق إذا تاب ، والمشرك إذا أسلم ، وقاطع الطريق ، والمقطوع اليد والرجل إذا تاب ، لم تقبل شهادة شاهد بالزنا فلم تتم الشهادة فجعل قاذفا .
قال : والقاذف قبل أن يحد مثله حين يحد لا تقبل شهادته حتى يتوب كما وصفت ، بل هو قبل أن يحد ، أشر حالا منه حين يحد ، [ ص: 304 ] لأن الحدود كفارات للذنوب فهو بعدما يكفر عنه الذنب خير منه قبل أن يكفر عنه ، ولا أرد شهادته في خير حاليه ، وأجيزها في شرها . الشافعي
6731 - حدثنا ، قال : أخبرنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري قال : ابن المسيب ثلاثة بالزنا ونكل المغيرة بن شعبة زياد ، فجلد عمر الثلاثة ، وقال لهم : توبوا تقبل شهادتكم ، فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة ، فكان لا يقبل شهادته . شهد على
6732 - وحدثنا علي ، عن أبي عبيد ، قال : حدثنا ، عن ابن أبي مريم محمد بن مسلم ، عن ، عن إبراهيم بن ميسرة سعيد بن المسيب عمر استتابهم فتاب اثنان ، وأبى أبو بكرة أن يتوب ، فكانت شهادتهما تقبل ، وكان أبو بكرة لا تقبل شهادته . أن
وقال يحيى الأنصاري وربيعة بن أبي عبد الرحمن في المحدود إذا تاب تقبل شهادته . وقال أبو عبيد : أصح في النظر أن لا يكون القول بشيء أكثر من الفعل ، وليس يختلف المسلمون في الزاني المحدود أن شهادته مقبولة إذا تاب ولا يكون للقاذف توبة إلا بإكذاب نفسه . يوضح ذلك قول عمر لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك . فأي توبة أبين من جانبه إلا بالرجوع عما قال . [ ص: 305 ]