ذكر إقرار الرجل بالصبي أنه ولد غيره ثم يدعيه هو بعد
قال وإذا كانت الأمة في يد رجل فولدت غلاما ، فأقر المولى الذي له الأمة أن هذا الولد من زوج زوجها إياه كان حرا أو عبدا ، وأقر الزوج بذلك [أو ] أنكر أو لم يقر ولم ينكر أو كان غائبا ، ثم إن المولى ادعى الولد أنه ابنه بعد ذلك فإن دعوته باطل ولا يثبت نسبه ، وذلك لأنه قد أقر أنه ابن لغيره بتزويج فلا تقبل دعوته بعد ذلك ، أقر الذي نسبه إليه أو أنكر ولا يشبه هذا ابن الملاعنة ، [ ص: 193 ] وذلك أن المرأة امرأة الرجل وهي فراش له ، فلما قذفها برجل لم يكن الولد [ملحقا ] بالذي رماها به ، لأنه وطئ ما لا يلحق به النسب وهو للفراش ، فلما حكم الله فيه باللعان فألحق النبي صلى الله عليه وسلم الولد بالأم إذا التعن الرجل ، ثم أقر الرجل بعد ذلك أنه كذب فيما رماها به ، وأن الولد ولده لحقه الولد ، وذلك أنه ولد على فراشه فهو له والأمة أقر أنها ولدت على فراش رجل بنكاح صحيح فلا يشبه النكاح الصحيح بالزنا الذي قد يكون الرامي للمرأة به كاذبا أو صادقا ، وحكى أبو بكر : عن أبو ثور النعمان أنه قال : يعتق عليه ولا يثبت نسبه منه . وقال يعقوب ومحمد كذلك إلا في خصلة واحدة : إن أنكر الأب الأول أن يكون ابنه كان ابن الآخر .
قال وإذا كانت أمة في يد رجل يملكها فولدت غلاما ، فأقر رجل ليس منها بسبيل أن هذا الولد ولد المولى ، وجحد المولى ذلك ، ثم إن الرجل الشاهد اشترى الغلام أو ورثه ، فادعى أنه ابنه لم يصدق على ذلك ، ولا يثبت نسبه منه ولا يعتق عليه من طريق النسب إلا أن يقر أنه حر عتق عليه من قبل أنه قد أقر أنه ابن مولى الأم ، وأنه حر الأصل ، وذلك أن الرجل إذا أولد أمته فولدها حر ، فلما شهد بذلك على المولى فقد زعم أن هذا الولد حر فلما اشتراه عتق عليه ، لأنه يشهد أنه حر ، وكذلك إن ورثه أيضا كان حرا ولا يملكه . وقال أبو بكر : النعمان : يعتق ولا يثبت نسبه منه ، لأنه شهد أنه ابن المولى الأول . [ ص: 194 ]
وقال أبو ثور والنعمان : فسأل القاضي عن الشهود فلم يزكوا فرد شهادتهم ، ثم إن أحد الشاهدين ادعى أنه ابنه فصدقته المرأة ، فإن دعوته باطل لا تجوز ، وذلك أنه قد شهد أنه ابن غيره فلا يقبل ، وقال إذا شهد رجلان على صبي من امرأة حرة أنه ابنها وابن هذا الرجل ، وأن هذا الرجل زوجها ، وادعته تلك المرأة وجحد الرجل يعقوب ومحمد : دعواه جائزة وهو ابنه .
وقال : وإذا شهدت امرأة على صبي أنه ابن هذه المرأة ، فادعت المرأة ذلك ، فسأل القاضي عن الشاهدة فلم تعدل فرد شهادتها ، ثم إن الشاهدة ادعت أن هذا الغلام ابنها ، وأقامت على ذلك شاهدين لم يقبل ذلك ، لأنها كذبت شهادتهما لما شهدت أن الصبي ابن غيرها ، وبه قال أصحاب الرأي ، وكذلك نقول . أبو ثور
وقال وأصحاب الرأي : ولو كبر الصبي فادعى أن الشاهدة أمه ، وأقام على ذلك شاهدين قبل شهادتهما ، وثبت نسبه منها وكانت أمه ، وهذا حق للصبي يجب أن يحكم به عليها وإن جحدت . أبو ثور
وقالوا جميعا : وإذا ادعى الرجل الصبي وشهد له شاهد أنه ابنه وأم الصبي تنكر ذلك ، ولم يقض القاضي بشهادة واحد ، ثم إن الشاهد ادعى أن الصبي ابنه وأن المرأة امرأته ، وأقام على ذلك شاهدين ، والمرأة تنكر فإن شهادتهما لا تجوز ، لأنه كذبهم ، ولو أن المرأة ادعت أنه زوجها ، وأن هذا ابنه منها وأقامت على ذلك شاهدين قبلت ذلك منها ، وألزمت الولد الرجل وجعلته ابنه . [ ص: 195 ]
وقالوا جميعا : لو أن رجلين ادعيا صبيا في يد امرأة ، وكل واحد منهما يقول : هو ابني ويدعي أنه تزوج هذه المرأة ، والمرأة تنكر ذلك ، ثم إن المرأة ادعت على رجل آخر أنه تزوجها وأنه أبو هذا الصبي ، وشهد لها الرجلان المدعيان بالصبي على ذلك لم تقبل شهادتهما ، وذلك أن كل واحد منهما قد ادعى الصبي فلا يجوز شهادة من يقر على نفسه بالكذب .
وقالوا جميعا : إذا كان الصبي في يد امرأة ، فأقر رجل أنه ابن فلان وشهد على ذلك فرد القاضي شهادته ، ثم شهد هو وآخر أنه ابن رجل آخر لم تقبل شهادته ، لأنه شهد شهادتين تنقض إحداهما الأخرى .
وقال أبو ثور والنعمان ويعقوب ومحمد : إذا كانت الأمة لرجل وكانت حاملا فقال : إن ولدت غلاما [فهو ] مني ، وإن ولدت جارية فهي من زوج [زوجتها إياه ] فولدت غلاما أو جارية أو ولدتهما جميعا فإنهما ولده ، وذلك أنه قد أقر بالوطء وهي في ملكه .
وقالوا : إذا كانت أمة لرجل فأقر أنه زوجها من رجل وهو غائب وهو حي لم يمت ، ثم جاءت بولد لستة أشهر منذ قال ما قال ، فادعاه المولى فإنه لا يصدق على ذلك ، لأنه قد أقر أنها امرأة لغيره .
وقالوا جميعا : إذا كانت أمة بين رجلين فجاءت بولد ، فأقر أحدهما أنه من صاحبه ، وقال الآخر إنه من صاحبه فمن ادعاه منهما بعد ذلك لم [ ص: 196 ] يصدق على دعواه ولا تباع وتكون بمنزلة أم الولد ، وأيهما مات عتقت عليه ، وذلك أن كل واحد منهما يزعم أنها قد صارت أم ولد لصاحبه ، وليس لواحد منهما أن يطأها .