1831 - أخبرنا ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية أحمد بن منصور المروزي .
[ ص: 2342 ] 1832 - وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد الواسطي ، قال : حدثنا أحمد بن منصور المروزي - ويعرف بابن زاج - قال : حدثني أحمد بن مصعب المروزي ، قال : حدثنا عمر بن أبي الهيثم بن خالد القرشي ، عن ، عن عبد الملك بن عمير أسيد بن صفوان وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 2343 ] 1833 - وحدثني ، قال : حدثنا عمر بن أيوب السقطي ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة يحيى بن مسعود ، قال : حدثني أبو حفص العبدي ، عن ، عن عبد الملك بن عمير أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما قبض رضي الله عنه وسجي عليه ارتجت أبو بكر المدينة بالبكاء كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء رضي الله عنه باكيا مسرعا مسترجعا وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه علي بن أبي طالب ، أبو بكر رضي الله عنه مسجى فقال : وأبو بكر ، كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنيسه ومستراحه وثقته ، وموضع سره ومشاورته أبا بكر ، وكنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا ، وأخوفهم لله عز وجل ، وأعظمهم عناء في دين الله وأحوطهم على رسوله ، وأحدبهم على الإسلام وأمنهم على أصحابه ، أحسنهم صحبة وأكثرهم مناقب ، وأفضلهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم وسيلة وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا وسمتا ورحمة وفضلا ، أشرفهم منزلة وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده ، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله خيرا ، كنت عنده بمنزلة السمع والبصر صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس ، فسماك الله [ ص: 2344 ] عز وجل في تنزيله صديقا فقال في كتابه : ( رحمك الله والذي جاء بالصدق ) - محمد صلى الله عليه وسلم - ( وصدق به ) - - ، واسيته حين بخلوا ، وأقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا ، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، وصاحبه في الغار ، والمنزل عليه السكينة ، ورفيقه في الهجرة ، وخلفته في دين الله عز وجل وأمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس ، فقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي ، فنهضت حين وهن أصحابك ، وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا ، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تصدع برغم المنافقين وكيد الكافرين وكره الحاسدين وفسق الفاسقين وغيظ الباغين ، وقمت بالأمر حين فشلوا ، ونطقت إذ تتعتعوا ، ومضيت بنور إذ وقفوا ، اتبعوك فهدوا وكنت أخفضهم صوتا ، وأعلاهم فوقا ، وأقلهم كلاما ، وأصوبهم منطقا ، وأطولهم صمتا ، وأبلغهم قولا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم نفسا ، وأعرفهم بالأمور ، وأشرفهم عملا ، كنت والله للدين يعسوبا أولا حين نفر عنه الناس ، وآخرا حين فتنوا ، كنت والله للمؤمنين أبا رحيما حين صاروا عليك عيالا ، حملت أثقال ما ضعفوا ، ورعيت ما أهملوا ، وحفظت ما أضاعوا تعلم ما جهلوا ، وشمرت إذ خنعوا ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ جزعوا ، وأدركت آثار ما طلبوا ، وراجعوا رشدهم برأيك فظفروا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ، وللمؤمنين رحمة وأنسا وحصنا ، فطرت بعبائها وفزت بحبائها [ ص: 2345 ] وذهبت بفضائلها ، ولم يزغ قلبك ولم يجبن ، كنت والله كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف ، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر أمن الناس عنده في صحبته" وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله عز وجل ، جليلا في أعين الناس ، كبيرا في أنفسهم" ، لم يكن لأحد فيك مغمز ، ولا لقائل فيك مهمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لمخلوق عندك هوادة ، الضعيف الذليل عندك قوي حتى تأخذ له بحقه ، القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق ، القريب والبعيد عندك سواء ، أقرب الناس إليك أطوعهم لله تبارك وتعالى وأتقاهم له ، شأنك الحق والصدق والرفق ، قولك حكم وحتم ، وأمرك حلم وحزم ، ورأيك علم وعزم ، فأقلعت وقد نهج السبيل ، وسهل العسير ، وأطفئت النيران ، واعتدل بك الدين ، وقوي الإيمان ، وثبت الإسلام والمسلمون ، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون . فجليت عنهم فأبصروا ، فسبقت والله سبقا بعيدا ، وأتعبت من بعدك إتعابا شديدا ، وفزت بالخير فوزا مبينا ، فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيئتك في السماء ، وهدت مصيبتك الأنام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاءه ، وسلمنا له أمره ، والله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك أبدا ، كنت للدين عزا وحرزا وكهفا ، وللمؤمنين فئة وحصنا ، وعلى المنافقين غلظة وكظا وغيظا ، فألحقك الله بنبيك ، ولا حرمنا أجرك ، ولا أضلنا بعدك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وسكت الناس حتى انقضى كلامه رضي الله عنه ثم بكوا حتى علت أصواتهم فقالوا : صدقت يا ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 2346 ] قال رحمه الله : محمد بن الحسين
قد ذكرت من مناقب أمير المؤمنين رضي الله عنه في علي بن أبي طالب أبي بكر رضي الله عنهما ، وعمر معهما لمقتول ظلما رضي الله عنه ، وعظيم قدرهم عنده ما تأدى إلينا ما فيه مبلغ لمن عقل ، فميز جميع ما تقدم ذكرنا له . وعثمان
فمن أراد الله الكريم به خيرا فميز ذلك علم أن وعمر أبا بكر وعثمان رضي الله عنهم كما قال الله عز وجل : ( وعليا ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ) وعلم أن هؤلاء الصفوة من صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم هم الذين قال الله عز وجل ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) .
وكذلك جميع صحابته ضمن الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخزيه فيهم ، وأنه يتم لهم يوم القيامة نورهم ويغفر لهم ويرحمهم ، قال الله عز وجل : ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ) .
وقال عز وجل : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في [ ص: 2347 ] وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ) .
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
فنعوذ بالله ممن في قلبه غيظ لأحد من هؤلاء أو لأحد من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أزواجه ، بل نرجوا بمحبتنا لجميعهم الرحمة والمغفرة من الله الكريم إن شاء الله .
تم الجزء الحادي والعشرون من كتاب الشريعة بحمد الله ومنه ،وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي الأمي وآله وسلم تسليما كثيرا .
يتلوه الجزء الثاني والعشرون من الكتاب إن شاء الله ، وبه الثقة .