[ ص: 713 ] المقصد السادس
من مقاصد هذا الكتاب
في الاجتهاد والتقليد
وفيه فصلان
الفصل الأول : في الاجتهاد
الفصل الثاني : في التقليد ، وما يتعلق به من أحكام المفتي ، والمستفتي .
[ ص: 714 ] [ ص: 715 ] أما الفصل الأول
ففيه تسع مسائل
المسألة الأولى
في حد الاجتهاد
وهو في اللغة مأخوذ من الجهد ، وهو المشقة والطاقة فيختص بما فيه مشقة ليخرج عنه ما لا مشقة فيه .
قال في المحصول : وهو في اللغة عبارة عن استفراغ الوسع ، في أي فعل كان ، يقال : استفرغ وسعه في حمل الثقيل ، ولا يقال : استفرغ وسعه في حمل النواة .
وأما في عرف الفقهاء : فهو استفراغ الوسع في النظر فيما لا يلحقه فيه لوم ، مع استفراغ الوسع فيه ، وهذا سبيل مسائل الفروع ; ولذلك تسمى هذه المسائل مسائل الاجتهاد ، والناظر فيها مجتهدا ، وليس هكذا حال الأصول انتهى .
وقيل : هو في الاصطلاح : بذل الوسع في نيل حكم شرعي عملي ، بطريق الاستنباط .
فقولنا : بذل الوسع يخرج ما يحصل مع التقصير ، فإن معنى بذل الوسع :
أن يحس من نفسه العجز عن مزيد طلب . ويخرج بالشرعي اللغوي والعقلي ، والحسي ، فلا يسمى من بذل وسعه في تحصيلها مجتهدا اصطلاحا ، وكذلك بذل الوسع في تحصيل الحكم العقلي ، فإنه لا يسمى اجتهادا عند الفقهاء ، وإن كان يسمى اجتهادا عند المتكلمين .
ويخرج بطريق الاستنباط نيل الأحكام من النصوص ظاهرا ، أو حفظ المسائل ، أو استعلامها من المفتي ، أو بالكشف عنها في كتب العلم ، فإن ذلك وإن كان يصدق عليه الاجتهاد اللغوي ، فإنه لا يصدق عليه الاجتهاد الاصطلاحي .
وقد زاد بعض الأصوليين في هذا الحد لفظ " الفقيه " فقال : " بذل الفقيه الوسع " [ ص: 716 ] ولا بد من ذلك ، فإن بذل غير الفقيه وسعه لا يسمى اجتهادا اصطلاحا .
ومنهم من قال : " هو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي " فزاد قيد " الظن " ; لأنه لا اجتهاد في القطعيات .
ومنهم من قال : " هو طلب الصواب بالأمارات الدالة عليه " .
قال ابن السمعاني : هو أليق بكلام الفقهاء .
وقال أبو بكر الرازي : : الاجتهاد يقع على ثلاثة معان
( أحدها ) : القياس الشرعي ; لأن العلة لما لم تكن موجبة للحكم ، لجواز وجودها خالية عنه ، لم يوجب ذلك العلم بالمطلوب فذلك كان طريقة الاجتهاد .
( والثاني ) : ما يغلب في الظن من غير علة كالاجتهاد في الوقت والقبلة والتقويم .
( والثالث ) : الاستدلال بالأصول .
قال هو في الاصطلاح : استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية ، على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد عليه ، وبهذا القيد خرج اجتهاد المقصر ، فإنه لا يعد في الاصطلاح اجتهادا معتبرا . الآمدي :