[ ص: 456 ] المسألة الرابعة والعشرون : في التخصيص بالمفهوم
ذهب القائلون بالعمل بالمفهوم إلى جواز التخصيص به .
قال : لا أعرف خلافا في تخصيص العموم بالمفهوم بين القائلين بالعموم والمفهوم ، وسيأتي الكلام على المفاهيم والمعمول به منها ، وغير المعمول به ، وقد تقدم الكلام على التخصيص بمفهوم اللقب . الآمدي
وحكى الشيخ عن الحنفية ، أبو إسحاق الشيرازي وابن سريج المنع من التخصيص بالمفهوم ، وذلك مبني على مذهبهم في عدم العمل بالمفهوم .
قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في شرح الإلمام قد رأيت في بعض مصنفات المتأخرين ما يقتضي تقديم العموم ، وفي كلام صفي الدين الهندي أن الخلاف إنما هو في مفهوم المخالفة ، أما مفهوم الموافقة فاتفقوا على التخصيص به .
قال الزركشي : والحق أن الخلاف ثابت فيهما .
أما مفهوم المخالفة ، فكما إذا ورد عام في إيجاب الزكاة في الغنم ، كما في قوله ثم قال في أربعين شاة شاة فإن المعلوفة خرجت بالمفهوم فيخصص به عموم الأول . في سائمة الغنم الزكاة
وذكر أنه لا خلاف في جواز التخصيص به ، ومثل بما ذكرناه . أبو الحسين بن القطان
وكذا قال الأستاذ : إذا ورد العام مجردا على صفة ، ثم أعيدت الصفة متأخرة عنه ، كقوله اقتلوا المشركين مع قوله قبله أو بعده : [ ص: 457 ] اقتلوا أبو إسحاق الإسفراييني أهل الأوثان من المشركين ، كان ذلك موجبا للتخصيص بالاتفاق ، ويوجب المنع من قتل أهل الكتاب ، وتخصيص ما بعده من العموم . انتهى .
وإنما حكى الصفي الهندي الإجماع على التخصيص بمفهوم الموافقة ; لأنه أقوى من مفهوم المخالفة ، ولهذا يسميه بعضهم دلالة النص ، وبعضهم يسميه القياس الجلي ، وبعضهم يسميه المفهوم الأولى ، وبعضهم يسميه فحوى الخطاب ، وذلك كقوله تعالى : فلا تقل لهما أف ، وقد اتفقوا على العمل به ، وذلك يستلزم الاتفاق على التخصيص به ، والحاصل أن التخصيص بالمفاهيم فرع العمل بها ، وسيأتي بيان ما هو الحق فيها إن شاء الله تعالى .