لا شك أن للقراءة دورا مهما في حياة الصغار والكبار على السواء، إذ تغرس فيهم القيم، وتنمي شخصياتهم، وتوسع مداركهم، وتصقل خبراتهم، وتُشبع ميولهم، وتثري حياة القارئ، وتشبع حاجاته النفسية المتعددة : حاجته إلى المعرفة والاطلاع، وحاجته إلى تحقيق الذات، بل ترفد حياته بحياة أخرى، وتضيف إلى عمره عمراً جديداً.
والقراءة من أهم سبل التثقيف وتحصيل المعارف، وعندما تتحسن قدرة الإنسان على القراءة فإنه يقفز بعيدا، ويتنقل في النص بيسر وسهولة ووتيرة جيدة، وينظر للقراءة كمصدر للمتعة، ويتتبع الأفكار بنشاط وهمة.
أركان القراءة
وترتكز عملية القراءة على ثلاثة أركان: كاتب وقارئ ومقروء.
وحتى تكون عملية القراءة مثمرة وتؤتي أكلها على الوجه المستطاب لابد من توفر معالم الجودة في هذه الأصول الثلاثة، جودة الكاتب، وجودة المقروء، وجودة القارئ.
ولابد من توفر بعض الأساسيات والصفات في كل طرف من أطراف عملية القراءة حتى يوصف بأنه جيد.. ونحن هنا سنتكلم عن سمات القارئ الجيد أولا، وإنما بدأنا بالقارئ لأن الكاتب ومكتوبه لا تكون له قيمة ذات شأن أو أثر ملحوظ إلا إذا وجد القارئ الذي يفهم ما يقرأ وينتفع بما يفهم.
فما هي سمات هذا القارئ المنشود؟
سمات القارئ الجيد
أولا: التخطيط للقراءة
فالقراءة عنده كالفريضة، فهو يخطط لوقت قراءته، ويحدد زمان القراءة، فكم ساعة سيقرأ في كل يوم، وما هو الوقت الذي سيقرأ فيه، ولا يترك الأمر للظروف حيث سمحت، أو يجعلها في وقت فراغه، أو حين يجد في نفسه قابلية للقراءة.. وقد وجدنا أكثر أو أغلب من اشتهر في هذا المجال يتحدث عن عدد معين من الساعات أحيانا سبع ساعات وأحيانا أكثر، وله حد أدنى لا يقل عنه وإنما ربما زاد.
ثانيا: الخبرة في اختيار الكتب
والقدرة على اختيار الجيد المفيد، وترك الغث قليل النفع، وكذلك معرفة أنواع العلوم، ومراتب الكتب، والتفريق بين كتب التخصص وكتب المعارف وكتب التسالي.
ثالثا: الخبرة في التعامل مع الكتاب
وما يلزم عند قراءة كل منها، واختيار الوقت والأسلوب المناسبين لها، فبعض الكتب تقرأ مرة واحدة سريعا "ككتب المعارف والتسالي"، وبعضها يحتاج أن يقرأ مرة واحدة مع التركيز، والبعض مرتين أو أكثر، وبعضها يعود إليه عند الحاجة "كالموسوعات، والمعاجم، وأمهات الكتب".
رابعا: التركيز التام
وذلك بتهيئة البيئة وجو القراءة، والجلسة المريحة، والإضاءة المناسبة، والبعد عن الضوضاء والأمور الشاغلة، بحيث لا يوجد فيها ما يشتت الذهن أو يشغل البال، أو يلفت النظر، أو يسترعي الانتباه، فيذهب معه التركيز أو يقل.
خامسا: الاجتهاد في فهم النص
وهذا لا يتوقف فقط عند فهم غريب المفردات، وإنما لابد من الاهتمام بالأفكار الرئيسية، وكذلك الأفكار الفرعية الهامة، دون الثانوية التي لا قيمة لها كبيرة، ويسعى لفهم المعنى المقصود للكاتب، ويجتهد لاستخلاص الفكرة، فهو يُعمِل عقله مع عينه وليس فقط يدرب حاسة النظر.
سادسا: المثابرة والاستمرارية
فلا يتعلق مبدأ القراءة على الحالة المزاجية، أو النفسية فيوم يقرأ وأياما يترك القراءة، وإنما المداومة والالتزام.. فالقراءة المتقطعة لا تنتج في النهاية قارئا متميزا، وإنما يأتي التميز مع الاستمرار والدوام، وقطع العلائق، وتخطي العوائق التي تمنع من المداومة..
- الكاتب:
إسلام ويب - التصنيف:
ثقافة و فكر