الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشأن المؤمن التسليم والانقياد المطلق لأحكام الدين وتقبلها واعتقاد حسنها وصلاحيتها، وذلك لأنها جاءت من لدن حكيم خبير، ودليل هذا قول الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً {النساء:65}. وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب: 36}. بل لا يتم إيمان العبد حتى يكون هواه تبعا للشريعة؛ لما في الحديث: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. رواه ابن عاصم والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وهو حديث ضعيف لكن معناه صحيح، وبهذا تعلمين مدى خطورة ما أنت عليه من عدم تقبل هذا الحكم الشرعي والرضا به، فحلق اللحية _كما تعرفين- لا يجوز بدليل الأحاديث المصرحة بذلك، وراجعي الفتوى رقم: 3077، والفتوى رقم: 25694. وما ذكرت من النفرة وعدم التقبل ليس بحجة إذ لوجعلنا ذلك مقياسا لتقبل الأحكام وتركها لأهملنا كثيرا من أحكام الشرع، ولا يقول هذا مسلم. ولعل هذا الشعور الذي عندك راجع إلى مسألة التحسين والتقبيح بحكم العادات، والحق أن المسلم يرى الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه، وبذلك تقهرين هذا الشعور وتسدين باب فتنة الشيطان وتزيينه للنفس ما يخالف الشريعة، وبخصوص صبغ الشعر فراجعي حكمه في الفتوى رقم: 586.