الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما ينكشف من العورة في الصلاة، فإن كان يسيرا، فإنه لا يضر انكشافه، وإن كان كثيرا أبطل الصلاة عند كثير من أهل العلم، وحد اليسير هو العرف، وانظري الفتوى رقم: 169847.
وراجعي للأهمية لمعرفة أحوال انكشاف العورة في أثناء الصلاة، ومتى تبطل الصلاة بذلك فتوانا رقم: 132451.
وأما ما مضى من صلاتك والحال ما ذكر: فقد كان خطأ منك، وذلك أن الواجب عليك أن تستري ذراعيك بحيث لا يريان ولو من أسفل الكم، قال ابن حجر في التحفة: لَوْ اتَّسَعَ الْكُمُّ فَأَرْسَلَهُ بِحَيْثُ تُرَى مِنْهُ عَوْرَتُهُ لَمْ يَصِحَّ، إذْ لَا عُسْرَ فِي السَّتْرِ مِنْهُ، وَأَيْضًا فَهَذِهِ رُؤْيَةٌ مِنْ الْجَانِبِ، وَهِيَ تَضُرُّ مُطْلَقًا. انتهى.
ومن العلماء من يرى أن هذا القدر المنكشف لا تبطل الصلاة به، لكونه من العورة المخففة عندهم، وهذا قول المالكية جاء في حاشية الدسوقي قوله: وَلَيْسَ مِنْهَا ـ أَيْ مِنْ الْمُغَلَّظَةِ ـ السَّاقُ، بَلْ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ كَمَا أَنَّ صَدْرَهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ أَكْتَافِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ الْمُخَفَّفَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ مِنْ الْحُرَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ بَطْنُهَا وَمَا حَاذَاهُ، وَمِنْ السُّرَّةِ لِلرُّكْبَةِ وَهِيَ خَارِجَةٌ فَدَخَلَ الْأَلْيَتَانِ وَالْفَخِذَانِ وَالْعَانَةُ وَمَا حَاذَى الْبَطْنَ مِنْ ظَهْرِهَا، وَأَمَّا صَدْرُهَا وَمَا حَاذَاهُ مِنْ ظَهْرِهَا، سَوَاءً كَانَ كَتِفًا أَوْ غَيْرَهُ وَعُنُقُهَا لِآخِرِ الرَّأْسِ وَرُكْبَتُهَا لِآخِرِ الْقَدَمِ، فَعَوْرَةٌ مُخَفَّفَةٌ يُكْرَهُ كَشْفُهَا فِي الصَّلَاةِ وَتُعَادُ فِي الْوَقْتِ لِكَشْفِهَا وَإِنْ حُرِّمَ النَّظَرُ لِذَلِكَ. اهـ
فعلى هذا القول فلا إشكال، وصلواتك الفائتة صحيحة، وإن رأيت العمل بهذا القول فلا حرج عليك، فإنا قد بينا أن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما لا حرج فيه، وانظري الفتوى رقم: 125010.
وعلى القول الأول، فإذا كان هذا المنكشف كثيرا ـ كما ذكرت ـ فإن في وجوب إعادة الصلاة عليك خلافا بين العلماء، وذلك أن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وبعض أهل العلم يرون أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جاهلا لم تلزمه الإعادة وانظري الفتوى رقم: 125226.
ولهذا القول قوة واتجاه، ومن ثم فلا حرج عليك في تقليد من يفتي به، وإن أردت الاحتياط وقضاء ما صليته من صلوات حال كون المنكشف من عورتك كثيرا عرفا، فانظري لبيان كيفية القضاء فتوانا رقم: 70806.
والله أعلم.