الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أن الإنسان فاعل بالاختيار، وأن علم الله السابق بحاله ومآله لا يعني أن الإنسان مجبور على سلوك طريق معين، وذلك في الفتوى رقم:
8653 والفتوى رقم:
7460.
ولما كان الإنسان يفعل باختياره وإرادته دون أن يشعر بأن أحداً يجبره على فعل معين، لم يكن مستغرباً أن يعاقب على تقصيره في الدنيا من قبل غيره، أو أن يعاقب في الآخرة إذا لم يعف الله عنه.
ولو كان الاحتجاج بالقدر نافعاً في هذا الأمر لقيل للإنسان: لا تأكل ولا تشرب ولا تنفق على أهلك وأولادك، بل ولا تنكح ولا تتزوج، اعتماداً على القدر.
فإن كان مقدراً لك أن تعيش فسيكون ذلك وإن لم تأكل وإن لم تشرب!! وهكذا.... وهذا مما لا يستسيغه صاحب عقل.
ولو رفعت المؤاخذه عن الجاني اعتماداً على القدر السابق لأصبحت الحياة كالغابة الموحشة، يأكل القوي فيها الضعيف لأمنه من العقاب، ولو كلف الإنسان بالصبر وعدم الانتصاف من ظالميه في كل الأحوال لكان ذلك تكليفاً بما لا يطاق، وهذا يعرفه كل إنسان من نفسه، فلو قيل لك: إن فلاناً سيأخذ مالك، ويغصب أرضك، ويعتدي على أهلك، ويؤذيك بأنواع الأذى، وأنك مأمور بالتسليم وعدم الاعتراض، لكون ذلك أمراَ مقدراً، لبادرت إلى الإنكار والاعتراض، وهذا حال الناس جميعاً.
وهذا يؤكد عظمة ما جاء به الإسلام من جعل الإنسان مختاراً، مسئولاً عن أعماله.
والله أعلم.