الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الجزئيتان الأولى والثانية ـ وهما مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فور سماع الأذان, وعدم محاباته أحدا في حد من حدود الله سبحانه ـ فهذا من كمال تقواه لله وعلمه به وخوفه منه وهذا أثر توقيره لربه وتعظيمه لحدوده وشعائره, وعليه فلا حرج في وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالحزم والصرامة في القيام بأوامر الله جل وعلا، ولكنه مع حزمه وجديته لم يكن فظا ولا غليظا، بل كان سمحا لينا حليما رحيما، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 147737.
وقد قال الله تعالى: وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ {آل عمران:159}.
وعن أبي عبد الله الجدلي قال سألت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وفي البخاري عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة قال: أجل والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ـ وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق, ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله ويفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا.
وأما عن الجزئية الثالثة المسئول عنها والتي تختص بمعاملته مع أمنا عائشة ـ رضي الله عنها ـ في حادثة الإفك: فقد سبق الحديث عنها في الفتوى رقم: 152481.
والله أعلم.